التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

حكم تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين

حكم تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداًَ عبده ورسوله. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) [آل عمران:102] . ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ) [النساء:1] .. ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ) [الأحزاب:70-71] .

أما بعد:
فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
بما أننا قادمون على شهر الصيام شهر رمضان المبارك -إن شاء الله تعالى- رأينا أن نغتنم هذه المناسبة من هذا الاجتماع وأن نقرأ عليكم، ونبين لكم بعض الأحاديث التي وردت في كتاب الصيام من كتاب بلوغ المرام من أحاديث الأحكام، للحافظ/ أحمد بن حجر العسقلاني .
قال رحمه الله: كتاب الصيام. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين، إلا رجلاً كان يصوم صوماً فليصمه) متفق عليه .
في هذا الحديث نهي صريح عن التقدم بين يدي رمضان بصوم يوم أو أكثر من يوم، وهذا من باب المحافظة على المقدار المطلوب من الصيام، ذلك هو شهر رمضان، ولا يجوز لمسلم أن يزيد على رمضان، سواءً في التقدم أو في التأخر يوماً أو يومين

وهذا الحديث في الواقع وإن كان جاء خاصاً في النهي عن التقدم وعن وصل أيام من شهر شعبان بشهر رمضان، إلا أن فيه تلميحاً قوياً إلى أنه لا يجوز الزيادة على العبادة المفروضة.
هذا حكم صريح في النهي عن أن يتقدم الرجل بصوم يوم أو يومين بين يدي رمضان.
ويدخل في هذا -بلا شك- صوم يوم الشك كما سيأتي في الحديث التالي، فهذا النهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين يؤكد وجوب المحافظة على العبادة كما شُرعت بدون زيادة أو نقص، فالذي فرضه الله عز وجل على عباده المؤمنين إنما هو صوم شهر رمضان، قد يكون تارة ثلاثين يوماً، وقد يكون تارة تسعة وعشرين يوماً، فلا يجوز أن يتقدم بصوم يوم أو يومين؛ خشية أن يصبح رمضان أكثر من ثلاثين يوماً مع مضي الزمن، ومضي العهد بالمسلمين عن العلم بالكتاب والسنة.
فأقول: في الوقت الذي ينهى هذا الحديث نهياً صريحاً عن التقدم بين يدي رمضان بصوم يوم أو يومين، كذلك كل عبادة لا يجوز أن يتقدمها، أو أن يوصل بها ما ليس منها من العبادات والطاعات الأخرى، فلا بد من الفصل الذي يحقق استقلال هذا الصوم المفروض ألا وهو صوم رمضان، لابد من الفصل بإفطار قبله وبعده؛ ليتحقق أن هذا الفرض هو فرض رمضان فقط لا يتقدمه شيء ولا يوصل به شيء.
ومن هذا القبيل تماماً ما جاء في صحيح مسلم من نهي الرسول عليه الصلاة والسلام أن يصل فرض الجمعة بالسنة التي بعدها، فأمر بالفصل بين الفرض والتطوع؛ إما بالكلام وإما بالخروج والانصراف، نهى الرسول عليه السلام عن وصل الفرض بالسنة التي بعده، هذا أيضاً من باب سد الذريعة؛ أن يوصل بالفرض ما ليس منه، فيوم الجمعة بصورة خاصة وكل الفرائض بصورة عامة، ينبغي بعد السلام الفصل فيها إما بخروج وتغيير المكان، وإما أن تتكلم مع صاحبك بكلام عادي، تحقيقاً للفصل، علماً أن الأمر كما قال عليه الصلاة والسلام بالنسبة للصلاة: (تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم) فيحل لك ما كان حراماً من قبل في الصلاة بمجرد قولك: السلام عليكم ورحمة الله في التسليمة الأولى، ولكن من باب التأكيد لهذا الفصل بأكثر من السلام، ومن باب سد الذريعة أن يوصل بهذه الفريضة -وهي فريضة الصلاة- شيء ليس منها، أكد الرسول عليه السلام على المصلي أن يتكلم أو أن ينصرف يميناً أو يساراً، أماماً أو خلفاً، كل هذا يؤكد هذا الأمر الذي أمر به الرسول عليه الصلاة والسلام، ألا يتقدم بين يدي رمضان بصوم يوم أو يومين؛ ليبقى شهر رمضان بدون زيادة عليه، كما أنه لا يجوز النقص منه، والزائد -كما يقول العامة- أخو الناقص.
يقول صلى الله عليه وسلم: (لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين) هل هذا النهي على إطلاقه؟ يقول الرسول عليه السلام جواباً عن هذا السؤال: (إلا رجلاً كان يصوم صوماً فليصمه) هذا الاستثناء يوضح أن النهي السابق إنما هو خاص بمن يتعمد التقدم بين يدي رمضان بصوم يوم أو يومين، أما إنسان -آخر- له نظام من الصيام، كأن يكون من عادته اتباع السُّنة المعروفة وهي صيام يوم الإثنين ويوم الخميس من كل أسبوع، فاتفق أن جاء يوم الخميس وكان ذلك قبل رمضان بيوم، فهل يدخل في هذا النهي: (لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين)؟ الجواب: لا: (إلا رجلاً كان يصوم صوماً فليصمه) فهذا الذي اعتاد هذا الصيام المشروع له أن يتقدم رمضان بمثل هذا الصيام؛ لأنه لم يقصد هذا التقدم، وكأن المقصود مباشرة بهذا النهي هو صيام يوم الشك الذي سيأتي الحديث الخاص فيه؛ لأن الذي يصوم يوم الشك يصوم اليوم الذي هو بين يدي رمضان ولم يثبت بعد أن هذا اليوم -أي: يوم الشك- هو من رمضان، فيصومه احتياطاً، وفتح باب الاحتياط في الدين هو فتح لباب كبير من الزيادة في الدين، وهذا في الواقع له أمثلة كثيرة في بعض الأحكام الفقهية.
ولعل الحاضرين يعلمون أن بعض المذاهب توجب على من صلى يوم الجمعة أن يصليها بعد الفراغ منها ظهراً، بعض المذاهب توجب هذا، لكن هناك مذاهب أخرى لا توجبه من باب ما يوجبه المذهب الأول، وهو أن تلك الصلاة لم تصح فتصلى هذه، لكن هذا المذهب الآخر يقول: إن هناك شروطاً فيها خلاف، إذا توفرت صحت الصلاة -صلاة الجمعة- وإن لم تتوفر لم تصح الصلاة، فمن باب الاحتياط يحسن أن يصلى بعد الجمعة صلاة الظهر. هذا الاحتياط يؤدي بقائله إلى مخالفة ما هو معلوم من الدين بالضرورة، ألا وهو أن الله عز وجل إنما فرض في كل يوم وليلة خمس صلوات، وإلى مخالفة نص آخر، وهو قوله عليه الصلاة والسلام: (لا صلاة في يوم مرتين) فنحن نعلم أن المفروض من يوم الجمعة هو صلاة الجمعة، فإذا كانت صلاة الجمعة لا تصح فصلاة الظهر، أما أن يصلي مرتين: مرة بنية الجمعة ومرة بنية الظهر؛ فهذا خلاف هذا الحديث مع مخالفة ما هو معلوم من الدين بالضرورة، كما في الحديث، حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة في يوم مرتين) فهذا في الوقت الواحد -وقت الظهر- صلى صلاتين: صلاة الجمعة ثم صلاة الظهر. فلذلك لا يجوز أن يتقدم الإنسان على الحكم المنصوص عليه في الشرع من باب الاحتياط، أو من باب ما يقوله العامة: (زيادة الخير خير). لا خير بعدما شرع الله عز وجل على لسان نبيه عليه السلام من الخير.
الخلاصة: هذا الحديث الذي ينهى المسلم أن يتقدم بين يدي رمضان بصوم يوم أو يومين، في الوقت ذاته يوضح أنه لا مانع من صيام ما كان معتاداً له قبل رمضان، إذا كان له عادة أن يصوم -مثلاً- ثلاثة أيام من كل شهر، وجاء رمضان فله أن يصوم هذه الثلاثة الأيام، له أن يصوم يومين، له أن يصوم يوماً واحداً ما دام أنه لم يقصد الصيام من أجل رمضان؛ لأن رمضان أيامه محدودة، وإنما صام تنفيذاً لتلك العادة المشروعة التي كان عليها.

مفرغة من شريط الصيام للشيخ الالباني رحمه الله





يرفع للفائدة




بارك الله فيكم




جزاكم الله خير

للرفع بمناسبة قدوم شهر رمضان 2022

اعاده الله علينا بالاجر والثواب




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.