[شرح] معنــى حديــث: ( أَرْبَـعٌ مَـنْ كُـنَّ فِيـهِ كَـانَ مُنَـافِقًا..)
معنى حديث:
( أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا..) ۞۞۞۞۞ الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أما بعد: فهنا معَنا حديث يتعلق بمسألة من مسائل الإيمان الذي أشكل فهمه على البعض وهو حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ۞۞۞۞۞ نبدأ بالتمهيد؛ بتعريف النفاق لغة وشرعاً، وعلاماته، وأنواعه، ثم نشرع في معنى الحديث.
۞۞۞۞۞ تعريف النفاق معنى النفاق لغةً واصطلاحاً النفاق في اللغة: النفاق فعل المنافق يقال: نافق ينافق منافقة ونفاقًا، أما أصله فقد اختلف فيه علماء اللغة على قولين: ولعل النسبة إلى نافقاء اليربوع أرجح من النسبة إلى النفق "لأن النفق ليس فيه إظهار شيء، وإبطال شيء آخر، كما هو الحال في النفاق، وكونه مأخوذاً من النافقاء باعتبار أن المنافق يظهر خلاف ما يبطن، أقرب من كونه مأخوذاً منه باعتبار أنه يخرج من غير الوجه الذي دخل فيه، لأن الذي يتحقق فيه الشك الكامل بين النافقاء والنفاق هو إظهار شيء وإخفاء شيء آخر، إضافة إلى أن المنافق لم يدخل في الإسلام دخولاً حقيقياً حتى يخرج منه". النفاق في الاصطلاح: هو ستر الكفر وإظهار الإسلام . وقد يسمى المنافق زنديقًا كما يفعله بعض الفقهاء وقد يسمى النفاق الاعتقادي وهو النفاق الأكبر. النفاق في الاصطلاح الشرعي هو: "القول باللسان أو الفعل بخلاف ما في القلب من القول والاعتقاد". أو هو الذي يستر كفره ويظهر إيمانه، وهو اسم إسلامي لم تعرفه العرب بالمعنى المخصوص به، وإن كان أصله في اللغة معروفاً" ـ كما سبق ـ. والمنافق لابد وأن تختلف سريرته وعلانيته وظاهره وباطنه، ولهذا يصفهم الله في كتابه بالكذب كما يصف المؤمنين بالصدق، قال تعالى: ( وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ) [البقرة:10]، وقال: ( وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ) [المنافقون:1]، وأمثال هذا كثير. إذنْ أخص وأهم ما يميز المنافقين؛ الاختلاف بين الظاهر والباطن، وبين الدعوى والحقيقة، كما قال تعالى: ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ) [البقرة:8]. قال الإمام الطبري رحمه الله: وقد يطلق بعض الفقهاء لفظ الزنديق على المنافق، قال شيخ الإسلام – رحمه الله-: وقال الإمام ابن القيم – رحمه الله – في بيان مراتب المكلفين في الدار الآخرة وطبقاتهم: ۞۞۞۞۞ علامات النفاق عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: قال الله سبحانه وتعالى: ( فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ ) وقال الله عز وجل في منافق الكفار: ( وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ ). وقال الله سبحانه وتعالى: ( وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ ) وقال الله سبحانه وتعالى ( مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ )
"شرح السنة للبغوي" (1/71).
۞۞۞۞۞ أنواع النفاق ينقسم النفاق إلى نوعين : والأصل فيه ما ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو وأبي هريرة وغيرهما من الصحابة – رضي الله عنهم – في ذكر آية المنافق، فحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قد تقدم.
وحديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فهذه كلها أعمال إذا كان فاعلها مؤمنًا بالله وحده، قد سلم اعتقاده مما يخرجه من الدين، فنفاقه نفاق أصغر، وهذه الخصال قد توجد في المسلم الصادق الذي ليس فيه شك. قال النووي – رحمه الله – عند شرح هذا الحديث: وَقَدْ أَجْمَع الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ مُصَدِّقًا بِقَلْبِهِ وَلِسَانه وَفَعَلَ هَذِهِ الْخِصَال لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِكُفْرٍ، وَلَا هُوَ مُنَافِق يُخَلَّد فِي النَّار.
وَهَذَا الْحَدِيث لَيْسَ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّه تَعَالَى إِشْكَال، وَلَكِنْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي مَعْنَاهُ.
فَاَلَّذِي قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ وَالْأَكْثَرُونَ وَهُوَ الصَّحِيح الْمُخْتَار: أَنَّ مَعْنَاهُ؛ أَنَّ هَذِهِ الْخِصَال خِصَال نِفَاق، وَصَاحِبهَا شَبِيه بِالْمُنَافِقِ فِي هَذِهِ الْخِصَال، وَمُتَخَلِّق بِأَخْلَاقِهِمْ. فَإِنَّ النِّفَاق هُوَ إِظْهَار مَا يُبْطِن خِلَافه، وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُود فِي صَاحِب هَذِهِ الْخِصَال، وَيَكُون نِفَاقه فِي حَقّ مَنْ حَدَّثَهُ، وَوَعَدَهُ، وَائْتَمَنَهُ، وَخَاصَمَهُ، وَعَاهَدَهُ مِنْ النَّاس، لَا أَنَّهُ مُنَافِق فِي الْإِسْلَام فَيُظْهِرُهُ وَهُوَ يُبْطِنُ الْكُفْر. وَلَمْ يُرِدْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا أَنَّهُ مُنَافِق نِفَاق الْكُفَّار الْمُخَلَّدِينَ فِي الدَّرْك الْأَسْفَل مِنْ النَّار، فَهَذَا هُوَ الْمُخْتَار فِي مَعْنَى الْحَدِيث ". قَالَ أَبُو عِيسَى الترمذي: قال النووي: قَالَ بَعْض الْعُلَمَاء: وَهَذَا فِيمَنْ كَانَتْ هَذِهِ الْخِصَال غَالِبَة عَلَيْهِ. فَأَمَّا مَنْ يَنْدُر فَلَيْسَ دَاخِلًا فِيهِ. فَهَذَا هُوَ الْمُخْتَار فِي مَعْنَى الْحَدِيث. وَقَدْ نَقَلَ الْإِمَام أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مَعْنَاهُ عَنْ الْعُلَمَاء مُطْلَقًا فَقَالَ: إِنَّمَا مَعْنَى هَذَا عِنْد أَهْل الْعِلْم نِفَاقُ الْعَمَل.
وَقَالَ جَمَاعَة مِنْ الْعُلَمَاء: الْمُرَاد بِهِ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ كَانُوا فِي زَمَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثُوا بِإِيمَانِهِمْ، وَكَذَبُوا، وَاُؤْتُمِنُوا عَلَى دِينهمْ فَخَانُوا، وَوَعَدُوا فِي أَمْر الدِّين وَنَصْره فَأَخْلَفُوا، وَفَجَرُوا فِي خُصُومَاتهمْ. وَهَذَا قَوْل سَعِيد بْن جُبَيْر، وَعَطَاء بْن أَبِي رَبَاح. وَرَجَعَ إِلَيْهِ الْحَسَن الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّه بَعْد أَنْ كَانَ عَلَى خِلَافه. وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَابْن عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ، وَرَوَيَاهُ أَيْضًا عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْقَاضِي عِيَاض رَحِمَهُ اللَّه: وَإِلَيْهِ مَال كَثِير مِنْ أَئِمَّتنَا.
وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّه قَوْلًا آخَر أَنَّ مَعْنَاهُ التَّحْذِير لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَعْتَاد هَذِهِ الْخِصَال الَّتِي يُخَاف عَلَيْهِ أَنْ تُفْضِي بِهِ إِلَى حَقِيقَة النِّفَاق" .
"شرح مسلم" (2/47). ۞۞۞۞۞ كتبتُ هذا لأني سمعت من يجعل هذا الحديث وحديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ من النفاق الأكبر المخرج من الملّة، فعلى علمه وتفسيره وشرحه الحديث؛ قد أخرج أعداداً هائلة من المسلمين ـ الصادقين الذين ليس فيهم شك ـ من الإسلام بسبب جهله وتعجله، فمن ذا الذي يسلم من تلك الخصال ناهيك عن أحدها ؟؟ قال النووي: فاللهم فقهنا في الدين وجنبنا التعالم والتشبع بما لم نعط. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين،،، ۞۞۞۞۞ كتبه المصدر: منتديات نور اليقين للامانة العلمية الموضوع منقول |
||