الشيخ أبي عبد الرحمن محمود
إنّ الحمد لله نحمد ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله.
أمّا بعد، فإليك أخي القارئ هذه القصيدة العصماء من الشعر الفائق والنظم الرائق في بيان الاعتقاد النقي والدين الخالص والمنهج السوي الذي ينبغي لكلّ مسلمٍ أَبِيٍّ أن يكون عليه ، دبّجها بيراعه «سيفُ السنّة وعَلَمُ الموحّدين»(1) و«داعيةُ الإصلاح وخطيب المصلحين»(2) العلاّمةُ الشيخُ الطيّب العقبي ـ رحمه الله تعالى وطيّب ثراه وجعل الجنّة مثواه ـ ونُشِرت سنة 1925م في العدد الثامن(3) من صحيفة «المنتقد» أوّل صحيفة دعت إلى تحرير الأمّة الجزائرية من ضغط ديوان الصالحين وترهات الصوفيين، «فكانت تلك القصيدة أوّل مِعْوَل مؤثّر في هيكل المقدّسات الطرقية، ولا يعلم ما تحمله هذه القصيدة من الجراءة، ومبلغ ما حدث عنها من انفعال الطرقية، إلاّ مَن عرف العصر الذي نُشرت فيه، وحالته في الجمود والتقديس لكلّ خُرافة في الوجود» (4).
وقد قدّمت «المنتقد» للقصيدة ببضعة أسطر ذات معان ودَلالات لِكُلِّ ذي حِجْر، هذا نصّها:
«تحت هذا العنوان جاءتنا هذه المنظومة الإصلاحية للعلاّمة المرشد صاحب التوقيع، فحلّينا بها صدر هذا العدد تبصرة وذكرى لقوم يؤمنون ؛ و«المنتقد» يتحدّى بها كلّ ذي علم تحدّثه نفسه بمعارضتها(5) إلى معارضتنا بصحيح الأدلّة من الكتاب والسنّة وكلام سلف الأمّة.
ويتكفّل بنشرما يَرِدُ عليه من جميع المعارضين، ومن لم يفعل منهم وبقي يلغو في المجالس والحوانيت، فإنّه يكون من الجبناء الكاذبين المفسدين».
وها نحن نعيد نشرها من جديد ـ بعد مضي سبعة عقود بل أكثر ـ في هذا العدد الحافل من «منابر الهدى»، ليزداد الذين اهتدوا هدًى، وينفضح أهل الضلال والهوى، ﴿لِيَحْيَ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ﴾.
اللهمّ اهدنا لما اختلف فيه من الحقّ بإذنك، إنّك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
أَيُّهَـا الأَقْـوَامُ إِنْ تَبْغُـوا الهُدَى مَا لَكُـمْ وَاللهِ غَيْرُ العِلْمِ هَـادْ
حالة موجبة للاستعبار وعظة موجبة للاعتبار:
مَاتَتِ السُّنَّةُ فِي هَذِي البِلاَدْ قُبِرَ العِلْمُ وَسادَ الجَهْلُ سَادْ وَفَشَـا دَاءُ اعْتِقَـادٍ بَـاطِلٍ فِي سُهُولِ القُطْرِطُرًّا وَالنِّجَادْ(6) عَبَدَ الكُـلُّ هَـوَاءَ شَيْخِـهِ جده ضَلُّوا وَضَلَّ الاعْتِقَادْ حَكَّمُوا عَادَاتِهِم فِي دِينِهِمْ دُونَ شَرْعِ اللهِ إِذْ عَمَّ الفَسَادْ لَـسْتُ مِنْهُـمْ لاَ وَلاَ مِنيِّ هُـمُ وَيْلَهُمْ يَـا وَيْلَهُمْ يَـوْمَ الْمَعَـادْ يَـوْمَ يَـأْتِي الخَلْقُ فِي الحَشْرِ وَقَـدْ نُشِـرُوا نَشْرَ فَـرَاشٍ وَجَـرَادْ يَـوْمَ لاَ تَـنْفَعُهُمْ مَعْـذِرَةٌ وَلَظَى مَأْوَاهُمُ بِئْسَ الْمِهَادْ يُصْهَرُ السَّـاكِنُ فِي أَطْبَـاقِهَـا كُلَّمَا أُحْرِقَ مِنْهُ الجِلْدُ عَادْ وَكَّـلَ اللهُ بِـمَنْ حَـلَّ بِـهَـا جَمْعَ أَمْـلاَكٍ غِـلاَظٍ وَشِـدَادْ أَكْلُهُمْ فِيهَا ضَرِيعٌ شُرْبُهُمْ مِنْ حَمِيمٍ لُبْسُهُمْ فِيهَا سَوَادْ كُلَّمَـا فَكَّـرْتُ فِي أَمْرِهِـمُ طَالَ حُزْنِي وَتَغَشَّانِي السُّهَادْ(7)
نصيحة غالية:
أَيُّهَـا الأَقْـوَامُ إِنْ تَبْغُـوا الهُدَى مَـا لَكُـمْ وَاللهِ غَيْرُ العِلْـمِ هَـادْ إِنَّـنِي أَنْصَحُكُـمْ نُـصْحَ امْرِئٍ مَـا لَـهُ غَيْرُ التُّقَى وَالخَـوْفِ زَادْ كُلَّمَـا يَنْقُصُ يَوْمًـا عُمْـرُهُ خَـوْفُـهُ مِنْ هَـوْلِ يَوْمِ الحَشْرِ زَادْ مَـا زَرَعْتُمْ فِي غَـدٍ تَلْقَـوْنَهُ لَيْسَ يُجْدِي نَـدَمٌ يَـوْمَ الحَصَـادْ
اعتقاد نقي واتصاف به:
اعتقاد شركي وبراءة منه:
سوء أثر الطرقية في المجتمع:
السيادة النافعة:
ضروب من البدع:
الدعاء الشرعي والشركي:
الاتكال على الكبير المتعال:
—
(2) بهذا وصفه العلاّمة مبارك الميلي، انظر: «رسالة الشرك ومظاهره» (ص447) بتحقيقي.
(3) صدر يوم الخميس 30 محرّم 1344هـ الموافق لِـ 20 أوت 1925م.
(4) «رسالة الشرك ومظاهره» (ص447) لمبارك الميلي بتحقيقي.
(5) حاول بعض حماة الشرك ودعاته من الطرقيين (من أهل وادي سوف) معارضتها بقصيدة عنوانها (إرشاد الضالّين إلى سبيل أهل الحقّ المبين) ضمنها (64 بيتًا) وقفتُ عليها مخطوطة يقرّرُ في مطلعها عقيدة شركية مخالفةً لعقيدة التوحيد الخالصة وهي أنّ الأولياء الصالحين يتصرّفون في البلاد ! ويملكون النفع والضرّ لغيرهم !!
يا رجال الدين يا أهل الرشاد يـا ذوي التحقيق أهل الاعتقاد ياذوي التمكين يا أهل النهى يا ذوي التصريف في كلّ البلاد بلغتنـا في حمـاكـم سَبَّةً حالـها زعزع ركن كلّ نـاد
(6) طُرًّا: أي جميعًا. والنِّجاد: جمع نَجْد وهو ما ارتفع من الأرض.
(7) أي: الأرق.
(8) المكان المطمئن.
(9) الرِّدْء: العون، ومنه قوله تعالى: ﴿فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءًا يُصَدِّقُنِي﴾ [القصص:34].
(10) يعني إياد بن نِزار بن معد بن عدنان.
(11) أي قبرًا، وجمعه أجداث كما في قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِرَاعًا﴾ [المعارج:43].
(12) هي في العرف: طعام يتّخذ على ذبائح من بهيمة الأنعام عند مزارات من يعتقد صلاحهم، ولها وقتان: أحدها في فصل الخريف عند الاستعداد للحرث، والآخرة في فصل الربيع عند رجاء الغلّة، والغرض منها التقرّب من ذلك الصالح كي يغيثهم بالأمطار تسهيلاً للحرث أو حفظًا للغلّة !! فهي من الشرك، لا يحلّ أكلها لأنّها ممّا ذبح على النصب وأُهِلَّ به لغير الله.
انظر رسالة الشرك ومظاهره (ص379-391) للميلي بتحقيقي، وآثار محمد البشير الإبراهيمي (319/3-322).
(13) ومعناه رأس العارفين، يزعم المتصوّفة أنّه لا يساويه أحد في مقامه حتى يموت فيخلفه آخر، وهي عند بعض الطرق كالتيجانية الخليفة عن الله في تصريف جميع الوجـود جملة وتفصيلاً كما في «جواهر المعاني» (90/2)، وهذا ـ كما لا يخفى على كلّ ذي عقلٍ ولبٍّ ـ من عقائدهم المنحرفة وخرافاتهم الباطلة التي تغني حكايتها عن ردّها.
المصدر:
http://www.rayatalislah.com
/article.php?id=10
موقع راية الإصلاح