التصنيفات
العقيدة الاسلامية

عبارات عقدية فاسدة

تعليمية

عبارات عقدية فاسدة

للشيخ عمر الحاج مسعود


من المقرر عند أهل السنة والجماعة أن أسماء الله تعالى وصفاته توقيفية فلا يثبت منها إلا ما ذكر في الكتاب والسنة، ولا مجال للعقل والاجتهاد في هذا، ومن أعظم التقول على الله تعالى تسميته ووصفه بما لم يثبت في الكتاب والسنة، قال الله عز وجل: ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُون﴾[الأعراف:33]، وقال: ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا﴾[الإسراء:36].

وأنبه في هذا البحث على عبارات في لغتنا العامية تجري على ألسنة بعض الناس تتضمن تسمية الله عز وجل ووصفه بما لا يليق بجلاله، وهي في الحقيقة من الإلحاد في أسماء الله وصفاته لأنها غير ثابتة وإنما ورثها بعضهم عن بعض، أو لأنها تذكر في غير موضعها، قال الله تعالى: ﴿وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون﴾[الأعراف:180]، والإلحاد في أسمائه وصفاته أنواع كثيرة منها: تسميته ووصفه بما لم يذكر في الكتاب والسنة.

وقد جرت تلك العبارات مجرى الأمثال واستعملها الأطفال والنساء والرجال، وانتشرت انتشارا واسعا وفشت فشوا كبيرا، ولم ينج منها إلا من رزقه الله علما وفقها.
وأكثر مستعمليها مقاصدهم حسنة وإنما أتوا من جهلهم وتقليدهم أبناء زمانهم.
من هذه العبارات:


1_ «لَـمْلِيحْ رَبِّي»:


إذا مدحت شخصا وقلتَ: فلان مليح يستدرك عليك بعض الناس ويقول لك: «لَـمْلِيح رَبي»، والمليح هو البهيج الحسن المنظر«المعجم الوسيط» (2/883).
، ويقصد الناس بقولهم: «فُلاَنْ مْلِيحْ»: أنه عاقل متخلق سمح سهل، والمليح ليس من أسمائه تعالى ولا صفاته، وإنما الله جميل، طيب، رفيق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ» رواه مسلم (91).
، وقال: «إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا» رواه مسلم (1015).
، وقال: «إِنَّ اللهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ» رواه مسلم (2593).

2ـ «رَبِّي يْدَبَّرْ رَاسُو»:

و إذا أراد بعض الناس أن يقول : إن الله يفعل ما يريد و يخلق ما يشاء , قال " رَبِّي يْدَبَّرْ رَاسُو" , أو " رَبِّي عَلَى بَالُو" أو " رَبِّي حُرْ" و نحوها من الألفاظ .و في هذه العبارات عدة محظورات :

1- نسبة الرأس إلى الله و هذا لا يثبت في الكتاب و السنة .

2-يدبر : و التدبير في الأمر لغة : النظر إلى ما تؤول إليه عاقبته و التفكر فيه – الصحاح للجوهري 2/655- أما في حق الله فهو القضاء , و الإنفاذ ,قال تعالى : " يُدَبِّرُ الأَمْرَ" -يونس3 – قال مجاهد : يقضيه وحده – تفسير الطبري7/84 ,السمعاني2/366 و 3/96 – و قال السعدي : ينفذ الأقدار في أوقاتها التي سبق علمه و جرى بها قلمه -تفسير السعدي436- و لا معنى لقولهم هنا " يدبر راسو"

3-نسبة البال إلى الله تعالى و هو غير ثابت , و البال لغة الخاطر – المعجم الوسيط1/77-


4- وصفه عزوجل بالحرّ و هذا لم بذكرفي الكاتب و لا في السنة .
إن العبارات الصحيحة المستقيمة أن تفول كما قال الله تعالى : " إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدْ" , " إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاء " , " وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَ يَخْتَار". و مكان " على بالو" تقول : " العليم الأعلم " ,ومكان "حر" تقول :القادر المقتدر المهيمن العزيز القيوم".

3ـ «لَـمْعَلَّمْ رَبِّي»:

وإذا قيل: «وِينْ لمَعَلَّمْ؟» كان الجواب عند بعض الناس: «لمَعَلَّمْ رَبِّي» يقصدون بذلك الحاكم المالك، ولكن لا يجوز تسميته بذلك لعدم ثبـوته، والمعلم عند المتـأخرين لقـب لأرفـع الدرجات في نظام الصناع«المعجم الوسيط» (2/624).
، فقول القائل: «وِينْ لمعَلَّم؟» أي المسؤول الأول عن الشركة أو المصنع صحيح لا حرج فيه، أما الله عز وجل فهو الربّ الحَكَم الملِك المالك.

4_« يَدْ الله طْوِيلَة»:

يطلقون هذه العبارة و يريدون بها أن الله لا يعجزه شيء , و لا يفلت من أخذه أحد , و ربما يريدون بها سعة رزقه و عظم عطائه , و لكن هذه الصفة غير ثابتة , فالصواب أن تقول كما قال الله تعالى : "إِنَّ رَبَّكَ لَبِالمِرْصَادِ" و قوله : "إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ" , " إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ" , " إِنَّ الله عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ"
و وصف يديه بالبسط في قوله : "وَقَالَتِ اليَهُودُ يَدُ الله مَغْلُولَةٌ , غُلَّتْ أيْديهْمْ وَ لُعِنُوا بِمَا قَالُوا , بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَان يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ " و البسط " سعة العطاء و الكرم.

5_قولهم « رَبِّي تْفَكْرُوا» :

تقال في حق الفقير إذا رزقه الله أو المبتلى إذا عافاه أو المريض إذا شفاه , و يفهم من هذه العبارة أن الله نسيه , و النسيان هنا خلاف الذكر و الحفظ , تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا , قال الله عزوجل : " لاَ يَضِّلُ رَبِّي و لاَ يَنْسَى" و هو عز و جل سميع بصير عليم خبير يعلم ما كان و ما يكون قال تعالى :" إِنَّ الله لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَ لاَ فِي السَمَاءِ "و قال سبحانه : " اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا " و قال سبحانه :"إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا "و هو حي قيوم لا ينام و لا ينبغي له أن ينام , كما قال تعالى : " اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ" و قال النبي صلى الله عليه و سلم : "إن الله لا ينام و لا ينبغي له أن ينام يخفض القسط و يرفعه , يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار و عمل النهار قبل عمل الليل" .مسلم179 .
و يأتي النسيان في اللغة بمعنى الترك , و منه قوله تعالى عن المنافقين :" نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ "يعني تركهم , و قوله : " وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى " أي تترك في العذاب – الصحاح للجوهري 6/2508 , تيسير الكريم الرحمن للسعدي 357,552 و أضواء البيان للشنقيطي 4/550 .
على أنه قد يكون مقصود بعضهم أن الله رحمه و أحسن إليه , فهذا المعنى صحيح لكن عبارة "رَبِّي تْفَكْرُوا" باطلة.

من مجلة الإصلاح نفع الله بها




شكرا اختي سارة

حقا نصائح وارشادات في محلها وهي من الواقع ونشهدها كثيرا

نفع الله بك وبارك الله في الشيخ على التوضيح




جزاك الله خيرا ..و جعله في ميزان حسناتك




بوركتم في هذا العمل الرائع شكرا لك




هناء ، رنين ، أم ليلى بوركتن أخواتي على المرور العطر




يُرْفَعُ لِلفَائِدَة ،،




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.