-::: 03 – نشأة أصـــول الفقـــه :::–تابع-ج2 تابع: الذي يرجع اعتباره إلى ما ورد في القرآن من تقريرمبدأ الشورى ورد الأمر المتنازع فيه إلى الله والرسول "فإن تنازعتم في شيئ فردوه إلى الله والرسول " / النساء:59 . بمعنى إلى القرآن والسنة النبوية ،وإلىما ورد في السنة ، قصة معاذ" أجتهد رأيي ولا آلو"وقصة علي التي رواها *مالك بن أنس*بسنده إلى *علي بن أبي طالب *أنه قال : " قلت ُيا رسول الله الأمر ينزل بنا فيه قرآن ولم تمض فيه منك سنة قال : إجمعوا له العالمين من المؤمنين فاجعلوه شورى بينكم ولا تقضوا فيه برأي واحد". والرأي يتمثل في الإجتهادببذل الوسع على ألوان متنوعة ،أقره رسول الله صلى الله عليه وسلم، رأي فردي أقره في حديث معاذ، تشعب إلى أنواع تميّز كل نوع باسم خاص فيما بعد فخرج منه : القياس ، الإستحسان ، المصاحبة ، المصالح المرسلة وغيرها . وآخر جماعي أمر به وحض عليه في حديث *علي *كرم الله وجهه السابق وهو ما يُعرفُ بالإجماع . ولقد بين القرآن أصول التشريع في آيات كثيرة ولذا أقرّ العلماء بناء على مانقل من آثار عن فقهاء الصحابة على أن الرأي من أصول التشريع وأنه يلي القرآن والسنة . هذا ومن المعلوم أن دلالة آيات القرآن وأحاديث الرسول على الأحكام لم تكن كلها في درجة واحدة، بل منهاما دلالته قطعيةلا يحتاج أخذ الحكم منها بذل مجهود من المستدل،وهذا قليل ، ومنهامادلالته ظنية لوجود الإحتمال في دلالته ، وهذا النوع يحتاج إلى إعمال الرأي وبذل الوسع للوصول إلى مراد الشارع فيكون الإجتهاد . واستنباط الاحكام الشرعية من أدلتها يتوقف على أمرين لا غنى لأحد منهما عن الآخر. أحدهما :العلم بلغة العرب لأنها لغة القرآن والسنة . ُ ثانيهما : العلم بأسرار الشريعة ومقاصدها . وقد كان الأمران متوافرين لأصحاب رسول الله ،أما الأول كان وصفا غريزيا لعربيتهم الخالصة ونزول الوحي بلغتهم ، والثاني فقد توفر لهم من طول صحبتهم لرسول الله ،ومعرفتهم لأسباب النزول مع دقة الفهم وصفاء الخاطر ، فضربوا أروع المثل في سلامة الإجتهاد وحسن التطبيق. وخلف من بعدهم خلف ساروا على نهجهم ، واقتدوا بأسلوبهم فهداهم الله إلى الحق، فلم يكن ثمة حاجة إلى قواعد تضبط هذين الأمرين . ولما بعد الزمن واتسعت الفتوحات الإسلامية ، ودخلت بلدان كثيرة في الإسلام فحدث الإختلاط في اللغة والثقافة وظهر اللحن في الكلام فاضطر العلماء إلى وضع العلاج الواقي ، فوضعوا للغة قواعدها ، ولما وقع النزاع بين أهل الرأي والحديث، وادّعى الإجتهاد نفر ممن لم يتأهل له ، وخلطوا في الإستدلال احتاج الأمر إلى وضع قواعد للإجتهاد وكان تدوينها ، وبهذا بدأ علم الأصول في الظهور . وهذا ما يدل على ان قواعد الأصول وُجدت مصاحبة للإجتهاد، وأنها كانت مقررةفي نفوس المجتهدين وإن لم يشغلوا أنفسهم بصياغتها ولا بتدوينها ،وأنها لم تتأخر في الوجود تأخرتدوين هذاالعلم وتميزه عن بقية العلوم الأخرىواستقلاله عن غيره ، فتكون أصول الفقه بمعنى القواعد التي يستعين بها المجتهد حين الإستنباط وجدت قبل الأصول بمعنى العلم المدون ومع ذلك فهي متأخرة في الوجود عن اصول الفقه بمعنى أدلته، لأنهالم توجد إلا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنها كانت قواعد متناثرة غير مجموعة ولا مدونة . المصدر : كتاب اصول الفقه الصفحة : (32-36 ) المؤلف : الاستاذ محمد مصطفى شلبي |
||