قصيدة للشيخ
محمد بن عبد الله بن عثيمين
رحمه الله المتوفى 1263هـ :
وَلكـن عَلـى الرانِ القُلوبُ كَأَنَّنا * * * بِما قـد عَلمنـاهُ يَقيـناً تُكـذِّبُ
وَنَبني القصورَ المُشمخِرّاتِ في الهَوى * * * وَفي عِلمِنـا أَنّا نَموتُ وَتَخـرَبُ
وَنَسعـى لِجَمع ِ المالِ حِلّاً وَمَأثَماً * * * وَبِالـرَغـم ِ يَحـويهِ البعيدُ وَأَقرَبُ
نُحاسَـبُ عنـهُ داخِلاً ثمَّ خارجاً * * * وَفيـمَ صَـرَفناهُ وَمن أَينَ يُكسَبُ
وَيَسعـدُ فيـه وارِثٌ مُتَعَفِّـفٌ * * * تَقِيٌّ و َيَشقى فيـه آخـرُ يَلعَـبُ
وَأَوَّلُ مـا تَبدو نَـدامةُ مُسـرِفٍ * * * إِذا اِشتَدَّ فيهِ الكَربُ وَالروحُ تُجذَبُ
وَيُشفِقُ من وَضعِ الكتابِ وَيَمتَني * * * لَـوَ انْ رُدَّلِلدّنيا وَهَيـهات مَطلَبُ
وَيشهـدُ مِنّا كلُّ عُضـوٍ بِفِعلـهِ * * * وَليـسَ عَلـى الجَبّارِ يَخفى المُغَيَّبُ
إِذا قيلَ أَنتُـم قـد عَلِمتُم فَما الذي * * * عَمِلتُـم وَكلٌّ فـي الكِتابِ مُرَتَّبُ
وَماذا كَسَبتُم فـي شَبابٍ وَصِحَّةٍ * * * وَفـي عُمُـرٍ أَنفاسُكُم فيه تُحسَبُ
فَيا لَيتَ شِعـري ما نَقولُ وَما الَّذي * * * نُجيـبُ بـهِ وَالأَمرُ إِذ ذاكَ أَصعَبُ
إِلى اللَهِ نَشكـو قَسوَة ً فـي قُلوبِنا * * * وَفـي كُلِّ يَومٍ واعِظُ المَوتِ يَندُبُ
وَلِلَّهِ كـم غادٍ حَبيـبٍ وَرائـحٍ * * * نُشَيِّعهُ لِلقَبـرِ وَالـدَمعُ يُسكَـبُ
أخٍ أَو حميـمٍ أو تَقـيٍّ مُهـذَّبٍ * * * يُـواصِـلُ فـي نُصحِ العِبادِ وَيَدأَبُ
نَهيـلُ عَليـهِ التُـربَ حَتّى كَأنَّهُ * * * عَـدوٌّ وفـي الأَحشـاءِ نـارٌ تَلَهَّبُ
سَقى جدثاً وارى ابنَ أحمـدَ وابِـلٌ * * * مـنَ العَفـوِ رَجّاسُ العَشِيّاتِ صَيِّبُ
وَأَنزَلَهُ الغُفرانُ وَالفَـوزُوَالـرِضى * * * يُطافُ عَليهِ بِـالرَحـيقِ وَيَشـربُ
فَقد كانَ في صَـدرِ المَجالسِ بَهجةً * * * بهِ تُحـدِقُ الأَبصـارُ وَالقَلبُ يَرهبُ
فَطـوراً تَـراهُ مُنـذِراًوَمُحَـذِّراً * * * عَواقِـبَ ما تَجني الذُنوبُ وَتَجلُبُ
وَطَـوراً بِـآلاءِ مُذكِّـراً * * * وَطَـوراً إلـى دارِ النَعيـمِ يُرَغِّـبُ
وَلم يَشتَغِـل عَـن ذابِبَيعٍ وَلا شِرا * * * نَعَم في اِبتِناءِ المَجدِ لِلبَـذلِ يَطـرَبُ
فَلو كان يُفـدى بِالنُفوسِ وَما غَلا * * * لَطِبنا نُفـوساً بِالذي كان َيَطلُـبُ
وَلكِن إِذا تَمَّ المَـدى نَفَذَ القَضا * * * وَما لامرىءٍ عَمّا قَضى اللَهُ مَهرَبُ
أخٌ كانَ لي نِعـمَ المُعينُ على التُقى * * * بـهِ تَنجَلـي عَنّـي الهُمومُوَتَذهَبُ
فَطَـوراً بِأَخبارِ الرَسولِ وَصحبهِ * * * وَطَـوراً بِآدابٍ تَلـذُوَتَعـذُبُ
عَلى ذا مَضى عُمري كَذاكَ وَعُمرهُ * * * صَفِيَّيـنِ لا نَجفـو وَلانَتَعَتَّـبُ
وَما الحالُ إِلّا مِثلُ ما قالَ مَن مَضى * * * وَبِالجُملَةِ الأَمثـالُ لِلنّـاس ِ تُضرَبُ
لِكُلِّ اجتِماع من خَليلَينِ فُرقَةٌ * * * وَلَوبَينَهُم قَد طابَ عَيشٌ وَمَشرَبُ
وَمن بعدِ ذا حَشرٌ وَنشرٌ وَمَوقِفٌ * * * وَيَـومٌ بهِ يُكسـى المَـذَلَّةَ مُـذنِبُ
إِذا فـرَّ كـلٌّ مـن أَبيـهِ وَأُمِّهِ * * * كَذا الأُمُّ لم تَنظُـر إِلَيـهِ وَلا الأَبُ
وَكـم ظالمٍ يندي من العَضِّ كَفَّهُ * * * مَقالتَه ُ يا وَيلَتَـى أَيـنَ أَذهَـبُ
إِذا اِقتَسَمـوا أَعمـالَهُ غُرَماؤهُ * * * وَقيـلَ لـهُ هـذا بما كنتَ تَكسِبُ
وَصُـكَّ له صَكٌّ إِلى النارِبعدَ ما * * * يُحَمَّـلُ مـن أَوزارِهِـم وَيُعَذَّبُ
وَكم قائِـلٍ واحَسـرَتا ليتَ أَنَّنا * * * نُـرَدُّ إِلـى الـدُنيا نُنيبُ وَنَرهبُ
فَما نحـنُ فـي دارِ المُنى غيرَ أَنَّنا * * * شُغِفنـا بِـدُنيا تَضمَحِلُّ وَتَذهَبُ
فَحُثّـوا مَطايا الارتِحالِ وَشَمِّروا * * * إِلـى اللَهِ وَالدارِ التي لَيسَ تَخرَبُ
فَما أَقرَبَ الآتي وَأَبعدَ ما مَضى * * * وَهـذا غـُرابُ البَينِ في الدارِ يَنعَبُ
وَصَلِّ إلهي ما هَمى الوَدقُ أَو شَدا * * * عَلى الأَيكِ سَجّاعُ الحمامِ المُطَرِّبُ
عَلى سَيِّدِ الساداتِ وَالآلِ كُلِّهِم * * * وَأَصحابِهِ مالاحَ في الأُفقِ كَوكَبُ