مما يدل على فضل هذه السورة كثرة أسمائها وكثرة الأسماء تدل على شرف المسمى، وهي نحو عشرين اسما ، تصب كلها في فلك التوحيد ومعرفة حق الله على العبيد، والرد على عباد الأصنام والأوثان والقائلين بالثنوية والتثليث وجميع الأديان الباطلة، وأشهر أسمائها " الإخلاص "، وسميت بذلك لأن في قراءتها خلاصا من عذاب الله ، أو لأن فيها إخلاصا لله من كل عيب ومن كل شريك ، أو لأنها خالصة لله ليس فيها أمر ولا ولانهي ، وقيل: سميت بالإخلاص لأنها أخلصت التوحيد لله، أو لأن قارئها وتاليها قد أخلص دينه لله.
ومن أسمائها " قل هو الله أحد" ، وقد بوب البخاري في الصحيح : باب فضل " قل هو الله أحد ".
ومن أسمائها: "التوحيد" و " الأساس" لأن التوحيد أصل لسائر أصول الدين.
ومن أسمائها :" التّفريد " و"التّجريد" و "النّجاة" و "الولاية " و"المعرفة" لأن معرفة الله إنما تتم بمعرفة ما في.
و "النِّسبة" و " الصمد" و "المعوِّذة" و" المانعة" و " المذكرة" و"النّور" و " الإيمان" و "المُقشقِشة" و" المعولة " و " البراءة".
وأما فضائل هذه السورة فكثيرة ، وفوائدها عزيزة ، حتى قال الأئمة الأعلام كالدَّارقطني وابن القيم: (لم يصح في فضائل سورة مما صح في سورة " قل هو الله أحد" ).
ومن فضائلها:
– أنَّ حُبَّ هذه السورة والقراءة بها في الصلاة يوجب محبة الله لمن قرأ بها ، لقوله في الحديث " أخبروه أن الله يحبه " وفي هذا دليل على أن سلامة المعتقد وحسن فهم التوحيد من أعظم أسباب محبة الله لعباده..
– إن حبها يوجب دخول الجنة ، فقد روى البخاري معلقا في صحيحه (774) ووصله الترمذي (2901) عن أنس قال : " كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء ، وكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح بـ" قل هو الله أحد" حتى يفرغ منها ،ثم يقرا بسورة أخرى معها ، وكان يصنع ذلك في كل ركعة ، فكلمه أصحابه فقالوا: إنك تفتتح بهذه السورة ثم لاترى أنها تجزئك حتى تقرا بأخرى ، فإما أن تقرأ بها وغما أن تدعها وتقرا بأخرى فقال : ما أنا بتاركها ، إن أحببتم أؤمكم بذلك فعلت وإن كرهتم تركتكم ، وكانوا يرون أنه من أفضلهم وكرهوا أن يؤمهم غيره فلما أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه الخبر فقال : يا فلان! ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك ، وما يحملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة؟ فقال: إني أحبها ، فقال: حبك إياها أدخلك الجنة. "
– أن قراءتها توجب مغفرة الذنوب الدارمي (3292) والنسائي في عمل اليوم والليلة(704) بإسناد صحيح عن رجل من الصحابة يقول : " صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فسمع رجلا يقرا {{ قل يا أيها الكافرون }} فقال : قد برأ من الشرك، وسمع آخر يقول: {{ قل هو الله أحد }} فقال: غفر له ".
– إنها تكفي من الشر وتمنعه ، لما ثبت في السنن إلا ابن ماجه عن عبد الله بن خبيب قال : " خرجنا في ليلة مطر نطلب النبي صلى الله عليه وسلم ليصلي لنا فأدركناه فقال : قل، فلم أقل شيئا، ثم قال: قل، فلم أقل شيئا، ثم قلت : يا رسول الله ما أقول؟ قال : قل هو الله احد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء."
– إن الدعاء بها مستجاب ففي السنن و مستدرك الحاكم بإسناد صحيح عن عبد الله ابن بريدة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يدعو يقول: اللّهم إني أسألك بأني أشهد أن لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحدا، قال : " والذي نفس بيده لقد سأله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب."
– أنها تضمنت الرد على اليهود والنصارى والمشركين وهي حجة الله على خلقه، حتى قال السيوطي في الإكليل: فيها الرد على اليهود والنصارى والمجوس والمشركين والمجسمة والمشبهة والحلولية والاتحادية وجميع الأديان الباطلة، ويدل على هذا ما رواه البخاري في صحيحه (4974) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه : " كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك ، وشتمني ولم يكن له ذلك ، فأما تكذيبه إياي فقوله : لن يعيدني كما بدأني ، وليس أول الخلق بأهون عليَّ من إعادته، وأما شتمه إياي فقوله: اتخذ الله ولدا وأنا الأحد الصمد لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفوا أحد. "
– أنها من أفضل سور القرآن ليس لها مثيل ولا شبيه في كتب الله المُنزلة على رسله، يبين ذلك ما رواه احمد (17467) بإسناد صحيح عن عقبة بن عامر قال : لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي : " يا عقبة بن عامر! صل من قطعك ، وأعط من حرمك ، واعف عمّن ظلمك " قال ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: " يا عقبة بن عامر! أملك عليك لسانك ، وابك على خطيئتك ، وليسعك بيتك " قال : ثم لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " يا عقبة بن عامر ألا أعلمك سورا ما أنزلت في التوراة ولا في الزبور ولا في الإنجيل ولا في الفرقان مثلهن! لا يأتيَّن عليك ليلة إلا قرأتهن فيها " قل هو الله أحد" ، "قل أعوذ برب الفلق" ، " قل أعوذ برب الناس" قال عقبة : فما أتت علي ليلة إلا قرأتهن فيها، وحق لي أن لا أدعهن وقد أمرني بهن رسول الله صلى الله عليه و سلم .
– وإن من أعظم فضائل الإخلاص لا تشاركها ولا تقاربها ولا تنافسها سورة أخرى في هذا الفضل كونها تعدل ثلث القرآن، أي أن قارئها له فضل وثواب من قرأ عشرة أجزاء من القرآن علما أن كل حرف في القران بحـسنة، وقد جاءت أحاديث صحيحة في إثبات هذا الفضل بلغت مبلغ التواتر كما يقول ابن القيم وغيره من العلماء. فمن ذلك ما رواه البخاري في صحيحه (5014) من حديث أبي سعيد الخذري: أن رجلا سمع رجلا يقرأ : "قل هو الله احد" يرددها، فلما أصبح جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده إنها تعدل ثلث القرآن ".
منقول من مجلة الإصلاح (في رحاب القرآن : الشيخ عز الدين الرمضاني)
-منتديات التصفية والتربية-