فإن أول خطوات اكتساب الشخصية القوية هي أن يصحح الإنسان مفاهيمه حول نفسه وحول شخصيته..والدراسات المختلفة في علم النفس وفي علم الاجتماع أثبتت أن الذين يعتقدون أن شخصياتهم ضعيفة أو الذين لا يثقون في مقدراتهم هم في الأصل يحقرون أو يقللون من تقدير أنفسهم، وذلك نسبة لمفاهيم خاطئة حول أنفسهم، ولديهم الميول لتعظيم السلبيات وتضخيمها مما جعلهم ينظرون إلى إنجازاتهم نظرة فيها شيء من الاستحقار وعدم الاعتراف بجدوى إنجازاتهم.
إذن الذي نطالبك به هو أن تبحث في الجوانب الإيجابية في شخصيتك، وهي كثيرة جدًّا، فقط عليك أن تتأملها وعليك أن تتمعن فيها ثم بعد ذلك تحاول أن تستفيد منها لتجعلها وسيلة تساعدك على التعامل مع الآخرين.
والشيء الآخر في تقوية الشخصية هو الإيمان. فإن من يقوي إيمانه فهو يقوي من شخصيته، ونحن – بفضل الله تعالى – يعتبر ديننا الإسلامي الحنيف منهج كامل لحياة الإنسان، كل ما تريد أن تقوي به شخصيتك وطريقتك في التعامل ومنهجك مع نفسك ومع الآخرين سوف تجده في الشريعة الإسلامية الغراء.
إذن التمسك بالدين والالتزام به والتقرب إلى الله تعالى هو من وسائل تقوية الشخصية، ودائمًا المسلم القوي خير من المسلم الضعيف وفي كل خير، والقوة تأتي بالإيمان والالتزام، فأرجو أن تراعي ذلك وأن تركز عليه كثيرًا.
يأتي بعد ذلك محاولة تنمية المهارات الاجتماعية، ويكون ذلك أولاً بأن يكون لك القدرة في استقبال الآخرين، وهنالك أمور بسيطة جدًّا مثل البدء بتحية الناس والسلام عليهم، والذي يبدأ بالسلام عليك يجب أن ترد عليه التحية بما هو أفضل منها، {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيبًا}، وعليك أن تنظر للناس في وجوههم حين تتحدث إليهم، وأيضًا حين تكون في مجلس ما لابد لك من أن تشارك وأن يكون لك حضورًا، والمشاركة في الحوارات تأتي إذا كان للإنسان رصيد معرفي قوي يستطيع به أن يتواصل مع الآخرين.
ولابد هنالك أيضًا من أن تبحث وتتخذ القدوة الصالحة وتتمثل بها، والقدوة الصالحة يمكن أن تكون في حياتك الآن، فانظر إلى الشباب الملتزمين أقوياء الشخصية الذي لديهم حضور دائمًا، فكن في رفقتهم وحاول أن تتمثل بهم، وانظر أيضًا إلى الوراء إلى أيام الصحابة – رضوان الله عليهم – وانظر إلى شباب الإسلام، وبالطبع نحن أبعد ما نكون مما كانوا يقومون به ولكن علينا أن نتشبث وعلينا أن نتمثل بهم بقدر المستطاع، انظر مثلاً إلى سيدنا أسامة بن زيد قاد جيش الإسلام وهو في سن السابعة عشر أو الثامنة عشر وكان في الجيش كبار الصحابة – رضوان الله عليهم أجمعين – فعليك بالقدوة والقدوة الحسنة، والإنسان إذا تمثل بهم فهذا يقوي من شخصيته ويستطيع أن يجعل سماته وخصاله مماثلة إلى درجة كبيرة للشخص الذي اتخذه قدوة؛ حيث أن التطبع ينقل من مكان إلى مكان ومن إنسان إلى آخر، كما تنقل بقية الأشياء في الحياة.
أود أيضًا أن أنصحك بالنظر في الانضمام لأي عمل من الأعمال التطوعية، وأنت بالطبع تعيش في الولايات المتحدة الأمريكية الآن وتوجد الكثير من الجماعات الإسلامية وكذلك الجمعيات الخيرية التي تعمل في مجال العمل التطوعي، فإن العمل التطوعي يقوي الإنسان ويعطيه اعتباره بدرجة كبيرة، فأرجو أن تحرص على ذلك أيضًا.
ممارسة الرياضة الجماعية تجعل الإنسان يتفاعل تفاعلاً إيجابيًا مع الآخرين وتختفي لديه كل أعراض الخوف والرهاب والقلق، فأرجو أيضًا أن تجعل من الرياضة منهجاً يومياً في حياتك.
وهنالك أيضًا التخطيط للمستقبل (التخطيط والإصرار على النجاح) فالإصرار على النجاح يقوي من شخصية الإنسان، لأن النجاح يتطلب طاقات نفسية معينة، وحين يضع الإنسان النجاح والتميز هدفًا له فإن هذا سوف يبني في داخله هذه الطاقات النفسية القوية التي تؤدي إلى ثقته في نفسه.
أرجو أن تتبع هذه الإرشادات وأرجو أن تلتزم بها، وأرجو أن تعرف أن الذي فعلاً يريد أن يقوي شخصيته لابد أن يقوم هو بذلك ولا أحد يستطيع أن يبني إنسانًا آخر بناءً جديدًا، الإنسان هو وحده الذي يستطيع أن يغير نفسه بنفسه، كما قال تعالى: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، فقط عليك الثقة وعليك تطبيق هذه الإرشادات التي ذكرتها لك، وهذه – إن شاء الله تعالى – سوف تؤدي أيضًا إلى اختفاء التوتر والقلق والاكتئاب الشديد، ما الذي يجعلك مكتئباً وأنت في سن الشباب وأنت في سن المستقبل؟ّ!
حاول أن تنظم حياتك وأن تنظر إلى المستقبل بإيجابية،
مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه
جزاك الله كل خير
بانتظار جديدك