التصنيفات
الشعر والنثر

لـكم لغتكم و لي لغتي

تعليمية
تعليمية
تعليمية

لكم لغتكم ولي لغتي

::

::

جبـــــران خليل جبران

تعليمية

لكم لغتكم ولي لغتي:
لكم من اللغة العربية ما شئتم، ولي منها ما يوافق أفكاري وعواطفي.
لكم منها الألفاظ وترتيبها، ولي منها ما تومئ إليه الألفاظ ولا تلمسه، ويصبو إليه الترتيب ولا يبلغه.
لكم منها جثث محنطة باردة جامدة، تحسبونها الكل بالكل، ولي منها أجساد لا قيمة لها بذاتها، بل كل قيمتها بالروح التي تحل فيها.
لكم منها محجة مقررة مقصودة، ولي منها واسطة متقلبة لا أستكفي بها إلا إذا أوصلت ما يختبئ في قلبي إلى القلوب وما يجول في ضميري إلى الضمائر.
لكم منها قواعدها الحاتمة، وقوانينها اليابسة المحدودة ولي منها نغمة أحول رناتها ونبراتها وقراراتها إلى ما تثبته رنة في الفكر، ونبرة في الميل، وقرار في الحاسة.
لكم منها القواميس والمعجمات والمطولات، ولي منها ما غربلته الأذن وحفظته الذاكرة من كلام مألوف مأنوس تتداوله ألسنة الناس في أفراحهم وأحزانهم.
* * *
لكم لغتكم ولي لغتي.
لكم منها العروض والتفاعيل والقوافي، وما يحشر فيها من جائز وغير جائز، ولي منها جدول يتسارع مترنما نحو الشاطىء، فلا يدري ما إذا كان الوزن في الصخور التي تقف في سبيله، أم القافية في أوراق الخريف التي تسير معه.
لكم منها الشعراء الفحول الفطاحل الخناذيذ، ومن صدرهم وشطرهم وخمسهم وذيلهم وشرحهم، ولي منها ما يتمشى متهيبا خجلا في قلوب الشعراء الذين لم ينظموا بيتا ولم ينثروا سطرا.
لكم منها الرثاء والمديح والفخر والتهنئة، ولي منها ما يتكبر عن رثاء من مات وهو في الرحم، ويأبى مديح من يستوجب الإستهزاء، ويأنف من تهنئة من يستدعي الشفقة، ويترفع عن هجو من يستطيع الإعراض عنه، ويتنكف من الفخر إذ ليس في الإنسان ما يفاخر به سوى الإقرار بضعفه وجهله.
* * *
لكم لغتكم ولي لغتي.
لكم من لغتكم "البديع" و "البيان" و "المنطق" ولي من لغتي نظرة في عين المغلوب، ودمعة في جفن المشتاق، وابتسامة على ثغر المؤمن، وإشارة في يد السموح الحكيم.
لكم منها ما قاله سيبويه والأسود وابن عقيل ومن جاء قبلهم وبعدهم من المضجرين المملين، ولي منها ما تقوله الأم لطفلها والمحب لرفيقته، والمتعبد لسكينة ليله.
لكم منها "الفصيح" دون "الركيك" و "البليغ" دون "المبتذل" ولي منها ما يتمتمه المستوحش وكله فصيح، وما يغص به المتوجع وكله بليغ، وما يلثغ به المأخوذ وكله فصيح وبليغ.
لكم منها "البنيان المرصوص" ولي منها أسراب من الشحارير والبلابل تتطاير وتنتقل مرفرفة بين حقول الخيال ورياضه.
لكم منها "الترصيع" و "التنزيل" و "التنميق" وكل ما وراء هذه البهلوانيات من التلفيق، ولي منها كلام إذا قيل رفع السامع إلى ما وراء الكلام وإذا كتب بسط أمام القارئ فسحا في الأثير لا يحدها البيان.
لكم منها ماضيها وما كان في ماضيها من الأمجاد والمفاخر، ولي منها حاضرها ومستقبلها بما في حاضرها من التأهب وما سيكون في مستقبلها من الحرية والاستقلال.
لكم لغتكم عازفا يتناولكم عودا فيضرب عليكم أنغاما تختارها أصابعه المتظلفة، ولي من لغتي قيثارة أتناولها فأستخرج منها أغنية تحلم بها روحي وتذيعها أصابعي.
ولكم أن تسكبوا لغتكم بعضكم في مسامع بعض ليسر ويعجب بعضكم ببعض، ولي أن أستودع لغتي عصفات الريح وأمواج البحر، فللريح آذان أشد غيرة على لغتي من آذانكم وللبحر قلب أربأ بها من قلوبكم.
ولكم أن تلتقطوا ما يتناثر خرقا من أثواب لغتكم، ولي أن أمزق بيدي كل عتيق بال، وأطرح على جانب الطريق كل ما يعيق مسيري نحو قمة الجبل.
ولكم أن تحنطوا ما يبتر من أعضائها المعتلة، وأن تحتفظوا به في متاحف عقولكم، ولي أن أحرق بالنار كل مفصل مشلول.
* * *
لكم لغتكم ولي لغتي.
لكم لغتكم عجوزا مقعدة، ولي لغتي صبية غارقة في بحر من أحلام شبابها. وما عسى أن تصير إليه لغتكم وما أودعتموه لغتكم عندما يرفع الستار عن عجوزكم وصبيتي؟
أقول أن لغتكم ستصير إلى اللاشيء.
أقول أن السراج الذي جف زيته لن يضيء طويلا.
أقول أن الحياة لا تتراجع إلى الوراء.
أقول أن أخشاب النعش لا تزهر ولا تثمر.
أقول لكم أن ما تحسبونه بيانا ليس بأكثر من عقم مزركش وسخافة مكلسة.
أقول أن القيظ في نفوسكم يسيركم مرغمين إلى مستنقعات الكلم.
أقول أن الصلابة في قلوبكم تخضعكم إلى الرخاوة في ألسنتكم، والصغارة في خيالكم تبيعكم عبيدا من الثرثرة.
أقول لكم أنه لا ينتهي هذا الجيل إلا يقوم لكم من أبنائكم وأحفادكم قضاة وجلادون.
أقول لكم إنما الشاعر رسول يبلغ الروح الفرد ما أوحاه إليه الروح العام، فإن لم يكن هناك رسالة فليس هناك من شاعر.
وأقول إنما الكاتب محدّث صادق، فإن لم يكن هناك من حديث صحيح مقرون ثابت فليس هناك من شاعر.
وأقول إنما الكاتب محدث صادق، فإن لم يكن هناك من حديث صحيح مقرون ثابت فليس هناك من كاتب.
أقول لكم أن النظم والنثر عاطفة وفكر وما زاد على ذلك فخيوط واهية وأسلاك متقطعة.
والآن وقد طلع الفجر، أتحسبون أنني أشكو لغتكم لأبرر لغتي؟ لا والذي جعلني نارا ودخانا بين عيونكم وأنوفكم.
إن الحياة لا ولن تحاول تبرئة نفسها أمام الموت، والحقيقة لا ولن تشرح ذاتها لدى البطل، والقوة لا ولن تقف أمام الضعف، لكم

لغتكم ولي لغتي.

::
::

جبـران خليـــــــل جبران

تعليمية تعليمية




شكرا لك اختي رنين




بعد هذه الكلمات فلنكسر اقلامنا احتراما لك يارنين
ولتقف بلاغتنا عاجزة للثناء على بلاغتكم
ولنجفف احبارنا ولنصمت امام العبارة الجميلة والمقطوعة الرائعة من يد رنين الموصولة بالعطاء
اعترف بالخجل امام هذه اللغة الواضحة والباهرة والقلم المبدع في آن واحد
دمتي بود وسعادة اختي رنين




كلمات ولا أجمل من عضوة ولا اروع في مدونة ولا افضل
بارك فيك اختي رنين …………….تقبلي مروري




شكرا على المرور الكريم

بارك الله فيكم




مشكوووووورة والله يعطيك الف عافيه




شاكرة لك مرورك الكريم




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.