بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ..
وبعد
إننا نعيش في هذه الدنيا إلى أجل معدود
وإن الدنيا بأكملها ،
بزينتها وزخرفها لا تساوي عند الله جناح بعوضة
وهي أيضاً مجبولة على النقص فلا تمام لشيء فيها أبدا
فلا سعادة تدوم لصاحبها،
ولا غنى يدوم لصاحبه،
ومهما ذاق العبد فيها حلاوة فإنها زائلة من بين يديه..
أو هو سيزول عنهاإلا حلاوة الطاعة
والإيمان فهي باقية إلى يوم الدين
وهي التي تنفعه يوم لا ينفع مال ولا بنون
إلا من اتى الله بقلب سليم
ونحن لو نعلم ذلك يقيناً لما تسارعنا
وتسابقنا في جمعها بل
وتفاخرنا وتحاقدنا وتحاسدنا!
قال الله تعالى
" وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ
فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا
تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا"هل من عاقل يجعل همه
أن يجمع الهشيم في يديه والرياح على أشدها؟
فلا الهشيم له قيمة ولا هو سيبقى له !!
لحظة !لنتذكر ما هو أهم ..
إنها ليست فقط ستزول فلا يبقى أثر
كلا.. بل إنها مسجلة في كتابنا عند الله
" وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ "
فكل ما نتفانى في الحرص عليه
والاستزادة منه من متاعها الوضيع سنُسأل عنه كله..
فقول بالله عليك :
أفلا يجدر بنا أن نحمل هم هذه اللحظة؟
أفلا يحق أن نخفف ما استطعنا من هذه الأحمال..
أن نخفف على أنفسنا طول الحساب وشدته ..
أن ننقي بالنا المشغول بها والملهوف عليها
ونملأه بما يقربنا للجنة ؟!
إن ما نراه في حياتنا اليومية بين النساء
ورغبة كل واحدة أن تكون أفضل من الأخرى
وأجمل وما عندها أكثر ،
ليس في الأعمال الصالحة وفي التقوى
ولكن في اللباس
والأغراض والمكانة و …….
بكلمة شاملة [ الدنيا ] ..
هل هذا هو حال من أيقن بحقارة الدنيا
ومن ثم زوالها!
أم هو حال من أيقن بأنها سيحاسب على كل خطوة
ونظرة وأكلة وشربة !
أو هو حال من أيقن بأن ما عند الله خير وابقى!
لا يغرنك تسابق المتسابقين عليها
فهي بحر سالكه في غفلة وأعماقه الهلاك والضيعة .
واطلب ما عند الله واعمل له في الدنيا
فهي ساحة البذل والعناء
ودع عنكِ الكد في جمعها فذلك الخذلان والخسران ..
وقفة :
عَنِ الْحَسَنِ،أَنَّ عُمَرَأُتِيَ بِشَرْبَةِ عَسَلٍ فَذَاقَهَا ،
فَإِذَا مَاءٌ وَعَسَلٌ ، فَقَالَ :
" اعْزِلُوا عَنِّي حِسَابَهَا اعْزِلُوا عَنِّي مُؤْنَتَهَا"
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ
: مَرَّ بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَنَحْنُ نُصْلِحُ خُصًّا لَنَا ،
فَقَالَ : " مَا هَذَا ؟
" قُلْنَا خُصًّا لَنَا وَهَى ،
فَنَحْنُ نُصْلِحُهُ ،
قَالَ : فَقَالَ :
" أَمَا إِنَّ الْأَمْرَ أَعْجَلُ مِنْ ذَلِكَ"
إسناده صحيح
فإن أنت أبصرت الدنيا مقبلة عليك
تفتح لك أبوابها فلقن نفسك :
اعزلوا عني حسابها
وإن راودتك نفسك للهث خلفها فذكرها :
إن الأمر أعجل من ذلك ..
غفر الله لي ولكم
قال ابن قيم الجوزية رحمه الله ( من أحب الدنيا فليوطن نفسه على تحمل المصائب. ومحب الدنيا لا ينفك من ثلاث: همّ لازم، وتعب دائم، وحسرة لا تنقضى، وذلك أن محبها لا ينال منها شيئا إلا طمحت نفسه إلى ما فوقه) (إغاثة اللهفان)
بارك الله فيكم
وجزاكم الخير المديد