1- مقدمة : قبل الخوض في تقديم العادات والتقاليد الفلسطينية لابد من التعرض للجانب الجغرافي الذي يمثل أرضية هذا التراث الزاخر في مكنوناته المختلفة ، وسوف نبدأ بالموضوعات التالية :
أ- الموقع الجغرافي : تعتبر فلسطين بوابة الغرب الآسيوي ، حيث تقع بين دائرتي عرض 29.3- 33.15 شمالاً من خط الاستواء ، وبين خطي طول 34.15 -35.40 شرقاً من خط جرينتش. ويحد فلسطين غرباً البحر المتوسط ومن الجنوب الغربي مصر ، ومن الشرق الأردن والبحر الميت، ومن الشمال لبنان، وتطل على خليج العقبة في أقصى الجنوب.
ب- امتداد فلسطين و مساحتها : تمتد من الغرب إلى الشرق بمسافة نحو (23) ميلاً ومن الشمال إلى الجنوب بنحو(240) ميلاً ، وتبلغ مساحتها (27.024) كم2.
ج- أهم المدن : القدس ،نابلس ، رام الله ، حيفا ، عكا ، غزة ، اللد ، الرملة ، الخليل، المجدل ، عسقلان ، بئر السبع ، خانيونس ، رفح ، دير البلح ، طول كرم، قلقيلية ، جنين،، بيت لحم، الناصرة ، أريحا ، طبيا ، بيسان، البيرة ، صفد.
2- أصل كلمة فلسطين : أن أصل كلمة فلسطين استناداً إلى الكتابات الآكادية التي يرجع تاريخها إلى نحو 2500 ق.م ،ويعتقد أن فلسطين هي أرض عمرو نسبة إلى العموريين وهم قبائل سامية ، ويذكر التاريخ أن المؤرخين اليهود يعترفون بهذه التسمية ،كما تدل وثائق ( تل العمارنة) والمصادر المصرية القديمة أن فلسطين أرض كنعان ويؤكد ذلك سفر التكوين من التوارة بأن فلسطين هي كنعانية عربية . ويذكر ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان أن فلسطين هي آخر مناطق بلاد الشام من الناحية الجنوبية التي تحدها مصر ، وقيل أنها سميت بفلسطين إبن سام بن نوح ، كما ذكرت أيضاً باسم بفليشن بن كسلوخيم من بني يافث بن نوح ثم عربت إلى فليشين ثم فلسطين.
3- معنى كلمة فلكلور: قبل الحديث عن الفلكلور الفلسطيني لابد من تعريف مصطلح الفلكلور في الأدب الشعبي ،حيث يتكون من مقطعين : الأول " فولك " ويعني الناس ، والثاني " لور " ويعني الحكمة ، وبناء على ذلك يمكن تعريف الفلكلور بأنه معارف الناس أو ثقافة أو حكمة الناس ، وهو علم يهتم بجمع ونشر المأثورات الشعبية و الروايات الأسطورية ،والأقوال والحكم والمعتقدات الخرافية والعادات القديمة وكل ما يتعلق بها.
الفلكلور الفلسطيني يزخر بمكنوناته البديعة المتنوعة التي تعتبر نتاج للبيئة المحلية التي ارتبطت بالمقدسات الإسلامية والمسيحية ، و بالسهل والجبل والصحراء ، والمناسبات المتنوعة، مما أعطاه طابع خاص ميزته عن بقية فلكلور الشعوب الأخرى. والحديث عن الفلكور الفلسطيني يحتاج إلى مجلدات حتى نوفيه حقه ، ولكننا سنلقي الضوء عليه في عجالةٍ ليتكون لدى القارئ فكرة بسيطة عن هذا الفلكلور الذي يشير إلى الهوية الفلسطينية ، ونوجز أنواعه على النحو التالي :
1- التراث الديني : تزخر فلسطين بالتراث الديني المتمثل في المقدسات الدينية قبة الصخرة ،والمسجد الأقصى ، وحائط البراق ، وكنيسة القيامة ، والحرم الإبراهيمي . وبعث من أرضها معظم الأنبياء والرسل.
2- الألعاب الشعبية : تعتبر الألعاب الشعبية الفلسطينية مظهراً ثقافياً للمجتمع الفلسطيني التي اتسمت بحرية الممارسة تحكمها قوانين وقواعد خاصة بها، وديمومة الإبداع والابتكار وشمولية تشابهها بين مناطق فلسطين ، واستخدام خامات البيئة المحلية في تصنيعها، كما اتخذت أبعاد تربوية وتعليمية ونفسية ، وبعد سلوكي ، وتصنع وفق قدرات وطموحات الطفل ، كما اتسمت بتخصصها ، فهناك ألعاب للذكور من مثل : لعبة الدحول ، والدراجة الخشبية ، ولعبة البنانير – الجل – والطبق الطائر والبالون اللذان يتخذان أشكالاً هندسية خاصة، وحدر بدر ، وألعاب أخرى للفتيات من مثل : لعبة أنزل ولا تنزل ، ولعبة الزقط ، والحجلة .. ألخ. وهناك ألعاب مختلطة بين الجنسين من مثل : لعبة حسن وحسين ، وكريكمة ، وحامي بارد ، لعبة العواصم، ولعبة طاق طاقية …إلخ.
3- الأغاني الشعبية : إذا حاولنا استرجاع شريط ذكرياتنا المتمثل في أيام الطفولة نجد أنها تتسم بالبراءة والمرح والفرح والشقاوة في الفترة التي كانت لا توجد فيها أجهزة إعلام متطورة في الكثير منة البلدات الفلسطينية كما نحن عليه اليوم ، حيث استغلت وسائل الإعلام بجميع أنواعها معظم أوقات الأطفال ، وساعدت على اندثار الكثير من الأغاني الشعبية الولادية ، كما أدخلت أغاني جديدة قام بتأليفها كبار السن وليس الأطفال كما كان قديماً ، حيث يقوم الأطفال بترديد كلمات عفوية في مواسم معينة فتصبح أغنية تتوارثها الأجيال ،حيث يصل صداها ‘إلى جميع أرجاء البلاد بل وتتعداها إلى دول أخرى ، وللأغنية الفلسطينية الولادية مناسبات وأحداث تاريخية وسياسية واجتماعية ومناخية .
والأغاني الشعبية دوراً هاماً في نفسية الفرد الفلسطيني خاصة عند الأطفال ، والتي تمثلث في أغاني النوم عند الأطفال من مثل 🙁 ياهدهد على الشجر عطية للي صبر هيه.. هيه ، ونني على النني وإيش بدك يا….. مني …هيه …هيه )، وأغاني مشي الأطفال من مثل 🙁 دادا ياقرين الفل يارب تكبر يا…. … وطل ، ياهللو ياهللو ياخياله يمشي مع ظله يارب يخليله أمه)، كما خصصت أغاني للأطفال في فصل الشتاء من مثل : ( رشو باب داركو تانحرث دنماتكو ، ونحرث الأرض بيكديشكو )، وأغاني صيد العصافير من مثل 🙁 أنا حنيني الوست الوست .. شقفه مني تملى الطشت)، بالإضافة إلى أغاني الزراعة من مثل : (سرحنا في أول شباط ، وبيرنا بير غواط ، وخوفنا يقولوا الوقت فات على زراعة العنبات ، لازرع كل أنواع النبات) ،وأغاني للقمر من مثل : يابو ليلة شو تعشيت الليلة…. أتعشيت جبنة مالحة من عند ستي صالحة.
4- الأدب وفنون الطرب : هناك علاقة وثيقة بين الإبداع الأدبي وبين هيمنة الطبيعة بروعتها واتساعها على وجدان الإنسان الفلسطيني ، كونها تعتبر مصدر ألهام للشاعر الفلسطيني ، ومن فنون الأدب الفلسطيني : البدع الذي يقال في الدحيّةُ – تعرف بالسامر – التي تقام في الأفراح من مثل :
– أعطونا الخَمْس مْن أيدكم …. وأعطونا للقايل تحية.
– اسم الله الرحمن الرحيم ….. ودستور يا ملوك الأرضية .
– اعطوني الحربي من أيدكم … والمفلح يذكر نبيه.
ومن القول ما يكون منه المديح ومنه الهجاء ومنه التفاخر كنوع من المنازلة الشعرية أمام الحضور . ومن الفنون الأخرى الرزع الذي تعتبر أغراضه نفس أغراض البدع ، من مثل أن يبدأ الرزيع بالقول عادة بالصلاة على النبي قائلاً: في مديح النبي عليه الصلاة والسلام من مثل :
– أول كلامي أصَليِّ ع النِّبي الهادي … محمد اللي عليه الشَّمِعْ وَقّادِ .
وأخر يقول في الافتخار :
– ياخير ملبوسنا هالثوب والجاعد… الثوب سترة والجاعد دفاه واحد.
ورزيع يقول في الغزل:
– العنق عنق الغزال المرتعة في الأرض … مُحبَّك سقط في ضميري قلبي خُوضْ.
– ياخسارة الزين يمشي في نهار الشوب … أربع بوابير شالن حرير الثوب.
– خلك كذي منصلب خلك كذي مصلوب … ياللي الهوا جرحك إيش حال جرح الثوب.
وتستمر هذه الفنون عادة إلى ساعة متأخرة من الليل يحضرها الرجال والنساء بجميع فئاتهم العمرية، وتعتبر هذه الفنون لون من ألوان القول المرتجل تمتاز ببساطة التناول والتعبير المباشر الذي يعبر عن عواطف وأفكار مبدعيها في جميع المناسبات ، ومن العادات أنه لا يتواني الفرد عن المشاركة في مثل هذه الأفراح حتى قال أحدهم وهو يبدع : ( يومْ إنْ سِمِعْتَ الزَّغَارِيْتْ … أجْرِي وِاقْدَامِيْ حِفِيّةْ)، وهي فنون شعبية منتشرة في ربوع فلسطين ومتنوعة تبعاً للمناسبة ،وهي تتركز في صحراء النقب وما جاورها.
أما الموال الفلسطيني فقد تغنى به الشباب والشياب الذين ورثوه عن أجدادهم وآبائهم ، و يقال الموال في جميع المناسبات سواء في الأفراح أو أثناء حراثة وزراعة الأرض أو جني المحصول ، ومن أمثلة المواويل: (ياقدسي العامرة وأهلك وكل ما أراد السوء بك ُأهلكْ .. والله تحية مجللة منا لأهلك نشامة والمثل بيهم ضرب … يابوي … يابوي . وموال آخر يا طير الطاير بالوادي بالوادي ودي للأسمر ودي سلامي).
5- الأزياء الشعبية : يزخر الفلكور الفلسطيني بالزي الشعبي الذي تناقلته الأجيال منذ فجر التاريخ ، والذي يميز الفلسطيني عن غيره من الشعوب العربية ، فمنه ما يلبسه الرجل الذي يتمثل في : القمباز والروزا ، الدماية ذات الأنواع العديدة مثل : الدماية العادية ، الروزا ، الاطلس ، الصوف ، بالإضافة إلى السروال ، والعباءة ، والساكو ، الشيتة ، والثوب ، وغطاء الرأس المتمثل في الحطة والعقال ، والعمامة والطربوش ، والطاقية . أما زي المرأة فهو ذات طابع خاص متمثل في الثوب الفلسطيني الذي أبدعت المرأة الفلسطينية في صنعه من خلال استخدام الوحدات الهندسية الزخرفية المتنوعة ، وللثوب الفلسطيني أنواع عديدة حسب المناطق الفلسطينية من مثل : الثوب المجدولاي ، الثوب المقلم ، الثوب السبعاوي ، والثوب التلحمي – ثوب الملكة – والثوب الدجاني ، والثوب الإخضاري ، ثوب الجلاية ، وثوب الملس – القدسي-وثوب بيت جبرين ، وثوب منطقة اللد والرملة . كما توجد بعض القطع المزركشة كغطاء الرأس ، والحزام ، كما حيك ثوب خاص للعروس في يوم زفافها ، واختصت كل من المرأة المدنية والقروية والبدوية والجبلية بزيها الخاص بها.
6- عادات وتقاليد خيتان الذكور : عادة ما يتأهب لهذه الفرحة أهل المولود بوقتٍ كاف قبل عملية خيتان الذكر ، حيث تقام الأفراح والولائم ، ويقال في ذلك غناء خاص تردده النساء من مثل : ( داري يامزين داري … مسمعنيش عياط الغالي ، وطهرو يامزين وناوله لأمه … يادموع المطهر بللن كمه) .
7- العادات الرمضانية : غالباً ما يجتمع الأقرباء في وقت الفطور في شهر رمضان كل يما يتوفر لديه من طعامٍ. وفي خلال شهر رمضان تقوم النسوة بالتحضير إلى عيد الفطر كشراء الملابس لها ولأولادها ، وشراء حاجات الكعك والمعمول .
8- عادات الأعياد الفطر والأضحى: إذا ما جاء العيد لبس الأولاد والنساء والرجال ملابس العيد الجديدة ، وذهبوا إلى صلاة العيد ثم زيارة الجيران والأرحام والأصدقاء. أما عيد الأضحى فيحرص رب الأسرة على شراء خاروف العيد وذبحه بعد صلاة العيد وتوزيعه حسب السنة على الأرحام .
9- عادات وتقاليد الحج : في الفلكور الفلسطيني للحج سمات خاصة ، حيث يجتمع أهل الحاج والجيران والأصدقاء قبل موعد سفر الحجاج بعدة أيام ، يردد النساء خاصة فيها أغاني جميلة من مثل : ( محزم بمحزم ، شد وسطك بسيري ، على بير زمزم كون سبع الرجال ، وللحاجة يرددن قائلات : ( في وسط الجوري ، وين رايحه ياحجة ، زمزم شعوري رايحه أزور النبي حبيبي محمد الرسول) وعند العودة يستقبل الحجاج بالفرح والغناء وإقامة الولائم.
10- الأمثال الشعبية : يزخر المجتمع الفلسطيني بالأمثال الشعبية المتنوعة التي تقال في المناسبات المتنوعة من مثل : ( الأرض أغلى من العرض) ، ( الشمس بتطلع من روس الجبال )، لو الحية تحته ما تحرك.، وبنت الفارة حفارة ، ما في الحيات صالحات ، رجعت حليمة لعادتها القديمة، العرس في عمورية وأهل البريج بترزع…. ألخ.
11- تقاليد السكن الجديد : غالباً ما يقوم الفلسطيني الذي يبني سكناً جديداً ويسكن فيه بذبح بعض الشياه يجتمع عليها الأقارب أو يوزع لحمها شكراً لله، كما يحرص الجار على عدم إيذاء جاره.
12-عادات تقاليد الجوار : المحافظة على الجيران من المسلمات الفلسطينية ، حيث يحرص الجار على مراعاة شعور جاره ومشاركته أفراحه وأحزانه.
13- تقاليد الضيافة : يتميز المجتمع الفلسطيني بعادة احترام الضيف وإكرامه وبالمقابل على الضيف احترام حرمة بيت المضيف ومراعاة أوضاعه الخاصة . وتقدم القهوة العربية السادة في الكثير من المجالس الفلسطينية( الشق أو الديوان) وخاصة في الصباح الباكر قبل الذهاب إلى الشغل، وفي المساء ما يمسى بالتعليلة . وتحية الإسلام هي السائدة في المجتمع الفلسطيني ، وهناك بعض العبارات المستخدمة في التحية من مثل : الترحيب بالضيف يقال : ياهلا والرد بالمهلي. العواف ياغانمين ، والرد الله يعافيك. وصح بدنه( أي قوي بدنه) الرد وبدنه ويسلمه ، خاصة إذا كان في عمل . وقوكو ياربع( أي قواكم الله) الرد قويت وعفيت.
14- عادات وتقاليد الوفاة : إذا توافى أحد أفراد الشعب الفلسطيني يعلن أهل المتوفى عن ذلك ،فيشارك الكثير من الناس في تشييع جنازة المتوفى ،ثم يذهب الأقارب والجيران والأصدقاء إلى منزل المتوفى أو الديوان لتقديم واجب العزاء ، كما يقوم الأقارب والجيران والأصدقاء بتقديم الطعام لأهل المتوفى طول فترة العزاء، ويقال يف العزاء عبارات خاصة من مثل : عظم الله أجركم والرد شكر الله سعيكم . والبقاء لله ، يسلم راسكم يا جماعة ، والبقية في حياتكم ، خلف لكم طول العمر ، والعمر ألكم يا جماعة ..إلخ.
15- الزواج عند الشعب الفلسطيني : لكل شعب من شعوب العالم عادات وتقاليد خاصة به ، مع وجود تشابه في كثير من عادات وتقاليد الأمة العربية والإسلامية، كونه الزواج يستند إلى الشريعة الإسلامية ، وهناك خطوات للزواج الأولى منه ذهاب النساء لرؤية الفتاة ، والثانية الخطبة ، والثالثة الإشهار، ثم الزواج ، وكل ذلك يتم الإعداد له حتى يكون على أكمل وجه ، وهذا يختلف من أسرة إلى أخرى كل حسب إمكاناته ، ومن المواويل الرجالية التي تقال في زفة العريس:
– درج ياغزالة يارزق الحلالة … درج يا حبيبي يا رتيك من نصيبي.
– عريس الزين يتهنا يأمر علينا ويتمنى.
– ولعي ياعيني هذا عريس الزين.
– بدنا عرروسة ياأحباب ما تلبس إلا جلباب، وما بتخرج برات الباب إلا بأذن الزوج.
– وصيتنا للعريس على دينك خليك حريص ، وعلم زوجتك القرآن وعلمها أركان الإيمان.
كما للنساء مواويل خاصة بهن في ليلية العرس من مثل :
– آي ياعصفور بوسمه الله يمسيكو بالخير ياشباب الكل باسمه.
– آي ياعصفور بمراتو يافلفل بحرارته إللي بدو النخا والجود يميل على أبو سليمان حارته.
– آي ياتفاح أبياري والماء عليه جاري وأنت يا أبو أبو رشيد ما يعلي عليك عالي.
– آي ياما قعدنا على الكانون وأصغرنا مثل الليمون لما جوزنا بشير فتحنا كلنا مثل زهر الحنون.