فضل القيام في شهر رمضان
فضيلة العلامة محمد بن صالح العثيمين :
الحمد لله رب العالمين ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . أما بعد :
فإن قيام رمضان سنة ، سنه الرسول – عليه الصلاة والسلام – . والمشروع أن يكون قيام رمضان جماعة ؛ لأن الرسول – صلى الله عليه وآله وسلم – قام في الناس جماعة ثلاث ليالٍ ، ثم تأخر وقال : ( إني خشيت أن تفرض عليكم ) . فبقي الناس بعد ذلك يصلي الرجلان والثلاثة والرجل الواحد ، كل على حدة ، وفي خلافة عمر خرج ذات يوم فوجد الناس أوزاعًا هذا يصلي وحده والرجلان على حده والثلاثة على حده . فرأى – رضي الله عنه – أن يجمع الناس على إمامٍ واحد ، فجمعهم على تميم الداري وأبي بن كعب ، هذا يصلي أحيانًا وهذا أحيانًا ، وأمرهما أن يصليا بالناس بإحدى عشرة ركعة ، هكذا ثبت في " موطأ مالك " – رحمه الله – ؛ كما كان الرسول – عليه الصلاة والسلام – : ( لا يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة ) .
وهذا هو العدد الأكمل والأفضل ، فالإحدى عشرة أفضل من ثلاث وعشرين ولكن لا تكون الإحدى عشرة بالسرعة المعهودة عند كثير من الأئمة ، لا تجد فيها طمأنينة ولا دعاءً ولا تسبيحًا ، غاية ما يكون أن يأتوا بالواجب حتى في التشهد ، أكثر الأحيان إذا وصلت إلى أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله ، قال : السلام عليكم . انتظر صل على النبي ، تعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ، دع الناس يدعون الله – عز وجل – ، يقول : لا دعنا نمشي على طول لكي ننتهي قبل المساجد الأخرى ، وإذا فعلنا ذلك فإن الناس يأتون إلينا كثيرًا ، لكن هذا غلط ، نقول : اطمئن يا أخي ، متى يحصل للإنسان رمضان !؟ دع الناس يطمئنون ويدعون الله – عز وجل – وبدلاً من أن تخرج في ساعة ، اخرج في ساعة ونصف
والذي ينبغي لنا أن نصلي مع الإمام حتى ينصرف من أجل أن ننال أجر الليلة كاملاً ، لقول النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – : ( من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة ) . وإن كان نائمًا على فراشه ، فكونك تبقى مع الإمام حتى ينصرف أفضل من كونك تنصرف قبل أن يتم ، ثم في آخر الليل تقوم ، ما دام الله يسر فصل ، إذا صليت مع الإمام قيام ليلة كاملة ، فاحمد الله على هذه النعمة وقم مع الإمام حتى ينصرف ، لكن إذا قال الإنسان : أنا أريد أن أتهجد في آخر الليل ، لإن لي عادة بذلك أو أرغب أن أناجي الله – عز وجل – في آخر الليل قلنا : لا بأس ، لكن إذا أوتر الإمام وسلم من وتره ، فقم وأت بركعة ليكون الوتر في حقك شفعًا ويكون وترك أنت آخر الليل ، لقول النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – : ( اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا ) . وقال : ( من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله ، ومن طمع أن يقوم من آخر الليل ، فليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة ) وذلك أفضل .
فإذا قال قائل : كيف أخالف الإمام والإمام صلى واحدة وأنا صليت اثنتين !؟
فالجواب : أن هذا جائز ، أليس الرجل إذا كان مقيمًا وصلى خلف إمام مسافر وسلم المسافر ، ماذا يفعل !؟ يتم ، يأتي بركعتين أكثر من إمامه ، يزيد على إمامه ، وهذا مما جاءت به الشريعة . هذا الرجل زاد على إمامه لأنه ما نوى الوتر ، نوى أن يصلي شفعًا ليجعل وتره في آخر الليل .
والمهم : أننا نوصي هنا بوصيتين :
الوصية الأولى : للأئمة .
والوصية الثانية : لسائر الناس .
الوصية الأولى : للأئمة .
والوصية الثانية : لسائر الناس .
أما الأئمة فإننا نوصيهم بتقوى الله – عز وجل – ، وأن يرفقوا بمن ورائهم ، وأن يعطوا من وراءهم مهلة من أجل أن يذكروا الله ويسبحوه ويدعوه ، وإذا اقتصروا على إحدى عشرة ركعة مع الطول كان خيرًا من ثلاث وعشرين ركعة مع السرعة الفادحة . حدثني من أثق به أن رجلاً دخل المسجد في رمضان وهم يصلون صلاة التراويح – التراويح على العهد السابق – فقام يصلي معهم لكن كانوا في الأول يعجلون عجلة شديدة ، يقول : فلما نام من الليل رأى في المنام أنه دخل هذا المسجد فوجد الجماعة يحندون ويرقصون ، والحند معناه ( كل واحد يأخذ جسمه وينزل ) ويرقصون ، إشارة إلى أن هذه الصلاة لعب ، لا يطمئنون فيها ، ولا يتمكنون من دعاء أو ذكر ، لكن الآن – ولله الحمد – خفت المسألة ، صار كثير من الأئمة يطمئنون في القراءة ، يطمئنون في الركوع ، في القيام بعد الركوع ، في السجود ، في الجلوس بين السجدتين ، فيحصل خير كثير .
أما الوصية الثانية : فهي لعامة الناس أن يحرصوا على هذه التراويح ، وأن يقوموا مع الإمام حتى ينصرف ، أما ما يفعله بعض الناس – ولا سيما فيما سبق من عهد – يصلي في هذا المسجد ركعتين ، وفي المسجد الثاني ركعتين ، والثالث ركعتين ، فهذا ضياع ، نقول : إذا صليت مع الإمام صلاة العشاء ، فاجلس في المسجد إلى أن تُتم التراويح .
أسأل الله تعالى أن يتمم علينا وعليكم نعمته ، وأن يجعلنا ممن يصومون رمضان ويقومونه إيمانًا واحتسابًا ، إنه جواد كريم .
بارك الله فيكِ … يُرْفَعُ للفَائِدَة ،،
جزاكم الله خيرا
جزاكم الله خير
للرفع بمناسبة قدوم شهر رمضان 2022
اعاده الله علينا بالاجر والثواب