التصنيفات
القران الكريم

[تفريغ] تفريغ تفسير سورة القلم – من سلسلة للشيخ محمد سعيد رسلان

تعليمية
تعليمية

[تفريغ] تفريغ تفسير سورة القلم – من سلسلة (تفسير معاني القرآن) للشيخ محمد سعيد رسلان

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا تفريغ لأغلب ما ذكره الشيخ محمد سعيد رسلان -حفظه الله- في تفسير معاني سورة القلم.

~§§ سورة القلم §§~

– سورة القلم بدأها ربنا-تبارك وتعالى- بحرف من الحروف المُقَطَّعة.
والحروف المقطعة اختلف فيها قول أهل العلم فقال بعضهم: إن {ن} هنا هي آخر حروف الرحمن. وهذه رواية عكرمة عن ابن عباس.
وقال الحسن وقتادة والضحاك: النون الدواب.
وقيل: هو قسم أقسم الله به.
وقيل: فاتحة السورة.
والحق أنه لابد من التوقيف هنا, فلا يقال في هذه الحروف المُقطعة إلا قول قد ثبت صحيحاً عن المعصوم-صلى الله عليه وسلم-, ولذلك قال العلماء: الحروف المقطعة في أوائل السور التي وَرَدَت الحروف المقطعة فيها, يقولون: الله أعلم بمراده.
وهذا أسلم شيء.
وقال جملة من العلماء من السلف والخلف: هو بيان لإعجاز القرآن العظيم, لأن الله-تبارك وتعالى- تحداهم بالقرآن أن يأتوا بمثل أقصر سورة فيه, والقرآن عربي مبين, والعربية لغتهم التي قد تملكوا ناصيتها والتي صاروا فيها بحيث لا يوجد فوق ما وصلوا إليه مُرتقى في العصر الذي أنزل الله رب العلمين القرآن فيه, فإذا كان القرآن العظيم عربياً مبيناً بحروف لغتكم الذي حذِقتموها, فاتوا إذا بمثل اقصر سورة فيه, {ن} هذا حرف من هذه الحروف التي تتكون منها كلمات لغتكم, فهذا من التحدي لهم وهو لإظهار الإعجاز في القرآن العظيم, هذا قول.
– {وَالْقَلَمِ}: هو الذي كتب الله به الذكرى, أو هو القلم الذي أجراه الله بالقدر حين كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة.
والظاهر أنه جنس القلم الذي يُكْتَبُ به, فهو قسم منه تعالى وتنبيه لخلقه على ما أنعم به عليهم من تعليمهم الكتابة والعلم.
– {وَمَا يَسْطُرُونَ}: يعني وما يكتبون أي وما تكتب الملائكة الحفظة من أعمال بني آدم أو ما يَسْطُرُهُ بالأقلام بنو آدم, على حسب توجيه القلم في ما مر من معانيه.
– {مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ}: أي بنبوة {رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ}: هذا جواب لقولهم {يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ}, فأقسم الله-تبارك وتعالى- بالقلم وما يكتب القلم من الأعمال إنك لا تكون مجنوناً وقد أنعم الله عليك بالنبوة والحكمة.
وقيل: {مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ}: أي بعصمة ربك.
وقيل: هو كما يقال ما أنت بمجنون والحمد لله. {مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ}ما أنت والحمد لله بمجنون. فجعل{بِنِعْمَةِ رَبِّكَ}كأنها حمد لله-تبارك وتعالى-كأنه جعلها جملة اعتراضية.
وقيل: معناه ما أنت بمجنون والنعمة لربك, كقولهم سبحانك اللهم وبحمدك أي والحمد لك.
– {وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ}: أي وإن لك لثواباً غير منقوص ولا مقطوع بصبرك على افترائهم عليك.
فممنون بمعنى مقطوع, وإن لك لثواباً غير منقوص ولا مقطوع رِفْدُهُ عنك بل هو متتابع عليك.
أو وإن لك لأجراً غير ممنون لا يُمَنُّ به عليك, فتكون من المِنَّة لا من القطع.
{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}: قال ابن عباس ومجاهد: لعلى دين عظيم لا دين أحب إلي ولا أرضى عندي منه.
قال الشيخ محمد سعيد رسلان: لعل الذي قال هذا نظر إلى قول عائشة-رضي الله عنها- وقد سُئِلت عن خُلُقِ رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فقالت: كانت خُلُقُه القرآن.
قال الحسن: هو آداب القرآن.
قال قتادة: ما كان يَأتَمِرُ به من أمر الله وينتهي عنه من نهي الله.
والمعنى: إنك يا محمد -صلى الله عليه وسلم- لعلى الخلق الذي أمرك الله به في القرآن.
وقيل: سمى الله خلقه عظيما لأنه امتثل تأديب الله إياه بقوله: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ }.
وقالت عائشة -رضي الله عنها- وقد سئلت عن خُلُقِ النبي -صلى الله عليه وسلم-: كان خُلُقُهُ القرآن.
– {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ}: يعني فستراه يا محمد ويَرَوْه, يعني أهل مكة إذا نزل بهم العذاب عندما ينكشف عنهم الغطاء.
– {بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ}: قيل المفتون مفعول بمعنى المصدر, فتكون المفتون بمعنى الجنون يعني بأيكم الجنون.وقيل الباء بمعنى في, فستبصر ويبصرون في أي الفريقين المجنون.
وقيل {بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ} وهو الشيطان الذي فَتَنَ بالجنون وفُتِنَ به, وهذا قول مجاهد.
وقال آخرون: الباء فيه زائدة, فستبصر ويبصرون أيكم المفتون أي المجنون الذي فُتِنَ بالجنون, هذا قول قتادة.
– {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ}: أي يعلم من هو في الحقيقة الضال, بل هم الضالون.
– {وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}إلى سبيله الموصل إلى السعادة العاجلة والآجلة.

– {فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ}: يعني مُشركي مكة, فإنهم كانوا يدعونه إلى دين آبائه فنهاه أن يطيعهم وأن يلاينهم لأنهم دعوا على المُلايَنَةِ والمُصانَعَة.

– {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ}: يعني أحبوا لو تُلاينُهُم وتُصانِعُهُم فيلاينونك ويصانعونك.

{وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ}: قال الضحاك: لو تكفر فيكفرون.
وقال الكَلْبي: لو تلين لهم فيَلينون لك.
قال الحسن: لو تصانعهم في دينك فيصانعوا في دينهم.
قال زيد بن أسلم: لو تنافق وترائي فينافقون.

قال الشيخ محمد سعيد رسلان: والأولى حَمْلُ ذلك على الملاينة والمصانعة, ويدخل في الملاينة والمصانعة الكفر والنفاق وما أشبه.
– {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ}: حلاف: كثير الحلف بالباطل.
قال مقاتل: يعني الوليد بن المغيرة.
وقيل: الأسود بن عبد يغوث.
وقال عطاء: هو الأخنس.

مهين: ضعيف حقير.
قيل: هو فعيل من المهانة وهي قلة الرأي والتمييز.
وقال ابن عباس: مهين: كذاب. وهو قريب من الأول لأن الإنسان إنما يكذب لمهانة نفسه عليه.
– {هَمَّازٍ}: مغتاب يأكل لحوم الناس بالطعن والغيبة.
وقال الحسن: هو الذي يغمز بأخيه في المجلس كقوله: هُمَزة.

– {مَّشَّاء بِنَمِيمٍ}: قتّادٍ يسعى بالنميمة بي الناس ليفسد بينهم.

وصيغة المبالغة للدلالة على كثرة وقوع ذلك منه.
– {مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ}: بخيل بالمال.
قال ابن عباس:
{مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ} أي للإسلام.
يمنع ولده وعشيرته عن الإسلام, يقول: لئن دخل واحد منكم في دين محمد-صلى الله عليه وسلم- لا أنفعه بشيء أبدا.
– {مُعْتَدٍ}: ظلوم يتعدى الحق.
– {أَثِيمٍ}: فاجر.
– {عُتُلٍّ}: العُتُلُّ: الغليظ الجافي.

وقال الحسن:
هو الفاحش الخَلق السيئ الخُلُق.
وقال الفراء: هو الشديد الخصومة في الباطل.

وقال الكلبي: هو الشديد في كفره.

وكل شديد عند العرب عُتُل, وأصله من العَتْلِ وهو الدفع بالعنف.
– {بَعْدَ ذَلِكَ}: أي مع ذلك.
يريد مع ما وصفناه به من قوله تعالى.
– {زَنِيمٍ}: هو الدَّعِيُّ المُلْصَق بالقول وليس منه.
قال عطاء عن ابن عباس: يريد مع ذلك هو دَعِيُّ في قريش وليس منه.
وقال مُرَّةُ الهمداني: إنما ادعاه أبوه بعد ثمان عشرة سنة.

وقيل الزنيم الذي له زَنَمةٌ كزَنَمَة الشاة.

وروى عكرمة عن ابن عباس أنه قال: في هذه الآية نَعَتَ من لا يُعرف
-يعني في قوله{وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ(10) هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ(11) مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ(12) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ}- حتى قال {زَنِيمٍ} فعُرف وكانت له زَنَمَة في عنقه يُعرف بها.
وقال سعيد بن جُبير عن ابن عباس: يُعرف بالشر كما تُعرف الشاة بزنمتها.
قال ابن قتيبة: لا نعلم أن الله -تبارك وتعالى- وصف أحداً ولا ذكر من عيوبه ما ذكر من عيوب الوليد بن المغيرة.
– {أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ}: قرأ أبو جعفر وابن عامر وحمزة وأبو بكر ويعقوب: (أأن) بالاستفهام, وقرأ الآخرون بلا استفهام على الخبر {أن كان}, وأما من قرأ بالاستفهام (أأن كان ذا مال وبنين).

فمن قرأ بالاستفهام فمعناه: أَلِئَن كان ذا مال وبنين {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}:أي جعل مجازاة النعم التي خُوِّلها من البنين والمال الكفر بآياتنا.
وقيل معناه: أَلِئَن كان ذا مال وبنين تطيعه.
ومن قرأ على الخبر {أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ}: فمعناه لا تطع كل حلاف مهين لأن كان ذا مال وبنين, أي لا تطعه لماله وبنيه.
– إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}, ثم أوْعَدَه فقال: {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ}: الخرطوم: الأنف.
قال أبو العالية ومجاهد: أي سنسود وجهه فنجعل له علما في الآخرة يُعرف به وهو سواد الوجه.

وقال الفراء: خصَّ الخرطوم بالسِّمة
-أي بالعلامة, سنسمه بالوَسْمِ بأن نجعل له على الخرطوم علامة- وأنه في مذهب الوجه لأن بعض الشيء يُعَبَّرُ به عن كله.
فجعل العلامة للأنف وهي شاملة للوجه.
وقال ابن عباس: سنحطمه بالسيف.
وقد فعل ذلك يوم بدر.
وقال قتادة: يعني سنضربه على أنفه حتى نَحْطِمَ أنفه بالسيف.
وقد وقع ذلك له يوم بدر.

وقال قتادة
: سنلحق به شيئاً لا يفارقه.
وقد ألحق الله بما ذكر من عيوبه به عاراً لا يفارقه في الدنيا والآخرة كالوَسْمِ على الخرطوم.

وقال الضحاك والكسائي
: سنكويه على وجهه.

الملفات المرفقة تعليمية تفريغ تفسير سورة القلم-للشيخ رسلان.doc‏ (92.0 كيلوبايت)

منقول لتعم للفائدة والاجر

تعليمية تعليمية




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.