[تفريغ] تفريغ تفسير سورة القلم – من سلسلة (تفسير معاني القرآن) للشيخ محمد سعيد رسلان بسم الله الرحمن الرحيم
هذا تفريغ لأغلب ما ذكره الشيخ محمد سعيد رسلان -حفظه الله- في تفسير معاني سورة القلم.
~§§ سورة القلم §§~ – سورة القلم بدأها ربنا-تبارك وتعالى- بحرف من الحروف المُقَطَّعة. قال الشيخ محمد سعيد رسلان: لعل الذي قال هذا نظر إلى قول عائشة-رضي الله عنها- وقد سُئِلت عن خُلُقِ رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فقالت: كانت خُلُقُه القرآن. قال الحسن: هو آداب القرآن. قال قتادة: ما كان يَأتَمِرُ به من أمر الله وينتهي عنه من نهي الله. والمعنى: إنك يا محمد -صلى الله عليه وسلم- لعلى الخلق الذي أمرك الله به في القرآن. وقيل: سمى الله خلقه عظيما لأنه امتثل تأديب الله إياه بقوله: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ }. وقالت عائشة -رضي الله عنها- وقد سئلت عن خُلُقِ النبي -صلى الله عليه وسلم-: كان خُلُقُهُ القرآن. – {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ}: يعني فستراه يا محمد ويَرَوْه, يعني أهل مكة إذا نزل بهم العذاب عندما ينكشف عنهم الغطاء. – {بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ}: قيل المفتون مفعول بمعنى المصدر, فتكون المفتون بمعنى الجنون يعني بأيكم الجنون.وقيل الباء بمعنى في, فستبصر ويبصرون في أي الفريقين المجنون. وقيل {بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ} وهو الشيطان الذي فَتَنَ بالجنون وفُتِنَ به, وهذا قول مجاهد. وقال آخرون: الباء فيه زائدة, فستبصر ويبصرون أيكم المفتون أي المجنون الذي فُتِنَ بالجنون, هذا قول قتادة. – {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ}: أي يعلم من هو في الحقيقة الضال, بل هم الضالون. – {وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}إلى سبيله الموصل إلى السعادة العاجلة والآجلة. – {فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ}: يعني مُشركي مكة, فإنهم كانوا يدعونه إلى دين آبائه فنهاه أن يطيعهم وأن يلاينهم لأنهم دعوا على المُلايَنَةِ والمُصانَعَة. – {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ}: يعني أحبوا لو تُلاينُهُم وتُصانِعُهُم فيلاينونك ويصانعونك. {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ}: قال الضحاك: لو تكفر فيكفرون. وقال الكَلْبي: لو تلين لهم فيَلينون لك. قال الحسن: لو تصانعهم في دينك فيصانعوا في دينهم. قال زيد بن أسلم: لو تنافق وترائي فينافقون. قال الشيخ محمد سعيد رسلان: والأولى حَمْلُ ذلك على الملاينة والمصانعة, ويدخل في الملاينة والمصانعة الكفر والنفاق وما أشبه. – {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ}: حلاف: كثير الحلف بالباطل. قال مقاتل: يعني الوليد بن المغيرة. وقيل: الأسود بن عبد يغوث. وقال عطاء: هو الأخنس. مهين: ضعيف حقير. قيل: هو فعيل من المهانة وهي قلة الرأي والتمييز. وقال ابن عباس: مهين: كذاب. وهو قريب من الأول لأن الإنسان إنما يكذب لمهانة نفسه عليه. – {هَمَّازٍ}: مغتاب يأكل لحوم الناس بالطعن والغيبة. وقال الحسن: هو الذي يغمز بأخيه في المجلس كقوله: هُمَزة. – {مَّشَّاء بِنَمِيمٍ}: قتّادٍ يسعى بالنميمة بي الناس ليفسد بينهم. وصيغة المبالغة للدلالة على كثرة وقوع ذلك منه. – {مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ}: بخيل بالمال. قال ابن عباس: {مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ} أي للإسلام. يمنع ولده وعشيرته عن الإسلام, يقول: لئن دخل واحد منكم في دين محمد-صلى الله عليه وسلم- لا أنفعه بشيء أبدا. – {مُعْتَدٍ}: ظلوم يتعدى الحق. – {أَثِيمٍ}: فاجر. – {عُتُلٍّ}: العُتُلُّ: الغليظ الجافي. وقال الحسن: هو الفاحش الخَلق السيئ الخُلُق. وقال الفراء: هو الشديد الخصومة في الباطل. وقال الكلبي: هو الشديد في كفره. وكل شديد عند العرب عُتُل, وأصله من العَتْلِ وهو الدفع بالعنف. – {بَعْدَ ذَلِكَ}: أي مع ذلك. يريد مع ما وصفناه به من قوله تعالى. – {زَنِيمٍ}: هو الدَّعِيُّ المُلْصَق بالقول وليس منه. قال عطاء عن ابن عباس: يريد مع ذلك هو دَعِيُّ في قريش وليس منه. وقال مُرَّةُ الهمداني: إنما ادعاه أبوه بعد ثمان عشرة سنة. وقيل الزنيم الذي له زَنَمةٌ كزَنَمَة الشاة. وروى عكرمة عن ابن عباس أنه قال: في هذه الآية نَعَتَ من لا يُعرف-يعني في قوله{وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ(10) هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ(11) مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ(12) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ}- حتى قال {زَنِيمٍ} فعُرف وكانت له زَنَمَة في عنقه يُعرف بها. وقال سعيد بن جُبير عن ابن عباس: يُعرف بالشر كما تُعرف الشاة بزنمتها. قال ابن قتيبة: لا نعلم أن الله -تبارك وتعالى- وصف أحداً ولا ذكر من عيوبه ما ذكر من عيوب الوليد بن المغيرة. – {أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ}: قرأ أبو جعفر وابن عامر وحمزة وأبو بكر ويعقوب: (أأن) بالاستفهام, وقرأ الآخرون بلا استفهام على الخبر {أن كان}, وأما من قرأ بالاستفهام (أأن كان ذا مال وبنين). فمن قرأ بالاستفهام فمعناه: أَلِئَن كان ذا مال وبنين {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}:أي جعل مجازاة النعم التي خُوِّلها من البنين والمال الكفر بآياتنا. وقيل معناه: أَلِئَن كان ذا مال وبنين تطيعه. ومن قرأ على الخبر {أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ}: فمعناه لا تطع كل حلاف مهين لأن كان ذا مال وبنين, أي لا تطعه لماله وبنيه. – إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}, ثم أوْعَدَه فقال: {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ}: الخرطوم: الأنف. قال أبو العالية ومجاهد: أي سنسود وجهه فنجعل له علما في الآخرة يُعرف به وهو سواد الوجه. وقال الفراء: خصَّ الخرطوم بالسِّمة -أي بالعلامة, سنسمه بالوَسْمِ بأن نجعل له على الخرطوم علامة- وأنه في مذهب الوجه لأن بعض الشيء يُعَبَّرُ به عن كله. فجعل العلامة للأنف وهي شاملة للوجه. وقال ابن عباس: سنحطمه بالسيف. وقد فعل ذلك يوم بدر. وقال قتادة: يعني سنضربه على أنفه حتى نَحْطِمَ أنفه بالسيف. وقد وقع ذلك له يوم بدر. وقال قتادة: سنلحق به شيئاً لا يفارقه. وقد ألحق الله بما ذكر من عيوبه به عاراً لا يفارقه في الدنيا والآخرة كالوَسْمِ على الخرطوم. وقال الضحاك والكسائي: سنكويه على وجهه. الملفات المرفقة تفريغ تفسير سورة القلم-للشيخ رسلان.doc‏ (92.0 كيلوبايت) |
||