أن للعولمة أوجه كثيرة ربما أو وجهان لعملة مظلم ومشرق وتحت ظلال هذه العولمة ترزح حالة دول العالم الثالث أن حالة ما يسمى بالدول النامية خلال العقود الأربعة الأخيرة في القرن العشرين حيث دخلت في أزمات متعددة داخلية بين الحكام و الشعوب أو فيما بينها بسبب الحدود فخرائط معظم البلدان التي استقلت بعد الحربين العالميتين جديدة رسمها الاستعمار مما دفعها إلى حروب مستمرة أو متقطعة مع بعظهم البعض (( كغزوة القيادة القومية البعثية للكويت؟؟ )) ودخولهم في سباق التسلح وشراء الأسلحة من الدول المتقدمة لتزويد الجيوش التي تم بنائها وأعطائها الأولوية في التسلح على التنمية الاقتصادية والاجتماعية أما الدول الصناعية التي وصلت في طاقتها الإنتاجية الهائلة إلى حد الإشباع ضاقت أسواقها على استيعاب ما تنتجه مصانعها الكبيرة فاستعانت بأسواق البلدان النامية (( النايمة )) التي لازالت متخلفة صناعياً وزراعياً لتصريف الفائض من إنتاجها فأصبحت الدول النامية معتمدة كلياً أو جزئياً على المصادر الخارجية لتمويل نشاطاتها الاقتصادية وفي أقامة بنيتها التحتية ودفع ثمن ما يزيد عن 50% من غذاء شعوبها لتلك الدول أن فيض الإنتاج الذي أحدثه التطور العلمي والتكنولوجي المذهل خلال العقود الثلاثة الماضية وأقتران الركود الاقتصادي بالتضخم النقدي والهوة المتسعة بين البلدان المتقدمة والنامية وأمام هذه الحالة نتساءل ما هي الحلول الممكنة لظاهرة فيض الإنتاج في الدول المتقدمة واستمرار التخلف والتردي الاقتصادي الاجتماعي الذي يصل أحيانا إلى حد المجاعات البشعة هل يجد الاقتصاديون أفكاراً وحلولاً اقتصادية تتناسب وطبيعة المشكلة التي أضحت عالمية أكثر منها قومية أو وطنية وهل سيكون الإنسان على كوكبنا أكثر سعادة في القرن الحادي والعشرين في شتى بقاع الأرض ؟
ولابد من الإشارة إلى الحقيقتين التاليتين :
الأولى :
بعد مرور أربعة عقود من جهود البلدان النامية (( دول العالم الثالث )) لتحقيق التنمية نجد ما حصل هو انتقال الخبرة الفنية ورؤوس الأموال الوطنية إلى البلدان المتقدمة ولا سيما أوربا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية بالرغم من الحاجة الماسة لها في بلدانهم أن ما حصل هو { نزيف للعقول وهجرة الأدمغة } دون حدود فقد أدت عوامل الجذب الخارجي والطرد الداخلي (( العراق في زمن الطاغية صدام نموذجاً )) إلى نزوح أعداد كبيرة جداً من أصحاب الكفاءات العلمية والفنية والأدبية والفكرية كذلك السياسية مما أدى إلى حرمان دولهم من أهم العناصر التي تتوقف عليها التنمية الذاتية الاقتصادية والاجتماعية وأن نهب رؤوس الأموال الوطنية من قبل رؤساء البلدان النامية وإيداعها في بنوك العالم المتحضر فقد كان كبيراً هو الآخر والأسباب عديدة أهما عدم الاستقرار السياسي وغياب الديمقراطية والتحولات السريعة في الأنظمة الحاكمة الشمولية وطبقة التجار والأغنياء في تحويل أموالهم إلى البلدان الرأسمالية ( أوربا وأمريكا ) أي الأموال النظيفة والأموال القذرة الأموال المكتسبة بطرق مشروعة وهي محدودة أو التي تم نهبها من الشعوب بشتى الطرق الملتوية مثل عمليات التهريب وتجارة السلاح والمخدرات كما فعلها النظام السابق في العراق ومما شجع على أتساع هذه الظاهرة هو حماية الدول الرأسمالية المتقدمة للحكام المعروفين بالفساد في أغلب الدول النامية ومحاربة الدول العدوة المشاكسة بالحصار وأن كانت محكومة بحكومات وطنية حريصة على مصلحة شعوبها وتنمية اقتصاديات بلدانها لأنها غير موالية للغرب (( كوبــا وكوريا الشمالية نموذجاً )) .
الثانية :
انفصام قمة الهرم الاقتصادي للعالم عن قاعدته حيث نجد الدول الغنية الصناعية منهم (( السبعة الكبار )) وهم يمثلون 20% من سكان العالم والقاعدة الواسعة من دول الجنوب الفقراء في آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية تحت خط الفقر يعانون من المجاعات والأمراض المستعصية فمع بداية عقد التسعينات من القرن الماضي أصبح العالم هرماً اقتصاديا واجتماعيا غير متوازن ولا متجانس وأما القاعدة الواسعة للهرم فهي البلدان المسحوقة في جميع القارات حيث((الرأسمالية المتوحشة)) باستغلالها دون رحمة أو نظرة بعيدة للمستقبل الذي يهددها بالأزمات الاقتصادية وعدم الاستقرار والأمن الذي تحرص عليه شعوب دول الشمال ، هل الاهتمام بالقاعدة ضرورة لابد منها من أجل بقاء الهرم الاقتصادي بأجزائه الأخرى سليماً وقوياً بغض النظر عمن سيتربع على قمته من البلدان والأمم ؟؟ وهل احتلال العراق وأفغانستان من هذه الضرورة؟؟ ولقد سارعت مجموعة الدول الرأسمالية المتقدمة لاحتواء الدعوة التي طرحت آنذاك لإقامة النظام الاقتصادي العالمي الجديد وكان عرض تقليدي لا جديد فيه ولم يعالج مشاكل التخلف بأبعادها التاريخية والاقتصادية المعاصرة وأهمل تماماً علاقات الاستغلال القائمة بين البلدان الرأسمالية وبلدان العالم الثالث أن ما جاء في هذا العرض هو توصية يمكن تسميتها ((بالكينـزية العالمية)) لمعالجة مشكلة نقص دخول الطبقة العاملة وشيوع نظرية صراع الطبقات التي يشير فيها الفكر الماركسي الاشتراكي في صراعه مع الغرب الرأسمالي في العهد السوفيتي .
فهل بدأ صراع جديد بين الدول الغنية والدول الفقيرة لقد شاعت أساليب (( الخصخصة )) والمشاركة برؤوس الأموال ( النظيفة والقذرة الكثيرة ) وسيادة ( فكرة العولمة بوجهيها المشرق والمظلم ) بعد التطور السريع في تكنولوجيا المعلومات وتحويل العالم إلى قرية صغيرة تديرها الشركات متعددة ال***ية وأجهزة (( الإنترنت )) بواسطة الكومبيوتر والأقمار الصناعية لقد أنقسم العالم تماماً بين طبقة صغيرة من الأغنياء وطبقة واسعة من الفقراء وهل ستصبح نبوءة الشيخ كارل ماركس في أواخر القرن التاسع عشر ( بفناء الرأسمالية عن طريق الصراع الطبقي ) ولكن ليس كما تصوره داخل البلدان الصناعية وإنما داخل العالم بين الفقراء والأغنياء ؟؟ وهل الإرهاب بأشكاله المختلفة هو حاصل تحصيل لهذا الصراع ؟ وأكذوبة لما تدعيه من أفضلية الحضارة الغربية على باقي الحضارات ( السومرية والفرعونية ) وحضارات اليابان والصين ودول جنوب شرق آسيا تحت باب صراع الحضارات أن الصراع يمكن أن نسميه وتحت عنوان ( صراع مجموعتين …. لا حضارتين ) فانقسام العالم إلى أغنياء وفقراء ووسائل الاستغلال المنظم غير المشروع والطرح الجديد في فكرة الحملة الصليبية الجديدة والمنازلة بين قوى الخير وقوى الشر والانتقام والتدمير الضخم الذي حصل لأملاك أمريكا أفرز بالضرورة الإرهاب ( فالإرهاب مهما كان تعريفه موجود منذ وجدت مسبباته ) فالصراع أذن بين مجموعتين :
الأولى :
تتكون من الأثرياء المالكين للأموال والبنوك والصناعيين المالكين لوسائل الأعلام المسيطرين على القضاء الأقوياء عسكرياً مالكي التكنولوجيا المتقدمة الملوثين للبيئة الفرحين باستعمال كل ما هو متطور والمقيمين أنفسهم بالكم لا بالكيف بالقوة لا بالحنكة وبالظاهر لا بالجوهر .
الثانية :
لم تكن موجودة إلى زمن قريب لكنها آخذة بالتكون التدريجي نحو وجود تفرضه وحدة الفكر والشعور الذي تبعثه الأفعال الناتجة عن مخاوف الدول الرأسمالية من هذا الصراع وهذه المجموعة من الفقراء والمدنيين للبنوك ومن أنصار البيئة والشيوعيين والمعادين لسلبيات العولمة والمعوزين والمنهوبة أموالهم والمحتلة أراضيهم والمدعوسة كرامتهم العائشون في ضيق أرواحهم الفاقدين الأمل من زعمائهم وقادتهم .
والآن حرب جديدة تقوم على مفهوم الصراع بين هاتين المجموعتين لم يتوقف أبداً ولكنه أختلف بمقدار حدته التي زادت وأسلحته التي اختلفت ومقدار ذكائه الذي أرتفع ، حرب جديدة تقوم على مفهوم الموت قبل المعركة لا أثنائها فانتشرت ثقافة الاستشهاد المتأسلم الســلفي الغبي والعبثي الإرهاب الجديد الذي يقتل ويفجر ويذبح ((على الطريقة الإسلامية )) ويختطف تحت رايات متأسلمة وفتاوى مخرفة والذي يحصل على أرض العراق ألا نموذجا مصغراً للصراع بين المجموعتين فليس الغريب القول أن :
مسؤولية الصراع تقع على عاتق الرأسمالية المتوحشة ومن ورائها الصهيونية المجرمة تحت ظلال العولمة في القرية العالمية الجديدة .