التصنيفات
السنة الثانية ثانوي

التشبيه التمثيلي / ثانية آداب ولغات سنة ثانية ثانوي

-التشبيه التمثيلي:

1-قال الشاعر يصف الشمس حين طلوعها :
ولاحت الشمس تحاكي عند مطلعها مرآة تبر بدت في كف مرتعش
ـــــــــ
2-وقال بشار بن برد في وصف المعركة :
كأن مثار النقع فوق رؤوسهم وأسيافنا ليل تهوى كواكبه
ـــــــــــ
3-وقال ابن الرومي في ظهور الشيب :
أول بدء المشيب واحدة تشعل ما جاورت من الشعر
مثل الحريق العظيم مبدؤه أول صول صغيرة الشرر
ـــــــــــ

1 )-لو نظرنا إلى المثال الأول لرأينا الشاعر يشبه الشمس أثناء بزرغها –وهي تبدو حمراء لامعة –بمرآة ذهبية حمراء ،وهي تضطرب في كف مرتعشة.
فلو تلمسنا وجه المشبه لما رأيناه مفردا في كلمة واحدة –الحال في التشبيهات السابقة –وإنما نراه ممثلا في صورة منتزعة في أمور متعددة.
فوجه الشبه هنا ليس هو اللمعان فقط ، ولا اللون الأحمر فقط ،ولا الاضطراب فقط ، وإنما هو صورة مركبة من اللون الاحمر الذهبي اللامع المضطرب معا ، وفي وقت واحد .(في التشبيه التمثيلي ):هو ما كان وجه الشبه فيه صورة منتزعة من أمور متعددة _كما رأينا _أو هو تشبيه صورة بصورة أخرى مماثلة .فالشاعر في المثال السابق يشبه لنا صورة الشمس أثناء طلوعها ،وهي تضطرب في كف مرتعشة. فالتشبيه التمثيلي إذن :هو ام كان وجه الشبه فيه صورة منتزعة من أمور متعددة ،أو هو تشبيه صورة بصورة –لا مفرد بمفرد كما هو معنى في قولنا :خالد كالأسد مثلا.

2)-أما في المثال الثاني:
كأن مثار النقع فوق رؤوسهم وأسيافنا ،ليل تهاوى كواكبه
فنجد أن الشاعر بشار بن برد يأتينا بصورة تخييلية يشبه لنا فيها صورة الغبار المتصاعد في أجواء المعركة – ولونه أسود –بينما تلمع السيوف وسطه- بيضاء مشرقة متهاوية –فوق رؤوس الأعداء .يشبه هذه الصورة بصورة أخرى أخرى مماثلة هي صورة الليل –الدامس المظلم –الذي راحت كواكبه تتهاوى –بيضاء ساطعة ..فوجه الشبه هنا مأخوذ من أمور متعددة هي:صورة الظلام والبياض والإشراق معا.

3)-وأما قول ابن الرومي :
أول بيده المشيب واحدة تشعل ما جاورت من الشعر
مثل الحريق العظيم مبدؤه أول صول صغيرة الشرر
فيشبه فيه انتشار المشيب في الرأس بسرعة ؛نتيجة ظهور شعرة واحدة .يشبه هذه الصورة بصورة انتشار الحريق العظيم الذي قد تكون شرارة صغيرة جدا .
فهذه التشبيهات كلها تمثيلية .وهي تختلف عن التشبيهات التي مرت بنا من حيث جمالها وأثرها في النفس.
تشبيهُ التمثيلِ: أبلغُ من غيره، لما في وجههِ من التفصيلِ الذي يحتاجُ إلى إمعانِ فكرٍ، وتدقيقِ نظرٍ، وهو أعظمُ أثراً في المعاني:
يرفعُ قدرها،
ويضاعفُ قواها في تحريكِ النفوس لها،
فإنْ كان مدحاً كان أوقعَ،
أو ذمًّا كان أوجعَ،
أو بُرهانا كان أسطعَ،
ومن ثَمَّ يحتاجُ إلى كدِّ الذهنِ في فهمِه، لاستخراجِ الصورةِ المنتزعَة من أمورٍ متعدِّدةٍ، حسِّيةٍ كانتْ أو غيرَ حسِّيةٍ، لتكوِّنَ (وجهَ الشبهِ)..

وتشبيه التمثيل نوعان:

الأول- ما كان ظاهر الأداة، نحو قوله تعالى : "مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا " [الجمعة/5]
فالمشبه: هم الذين حملوا التوراة ولم يعقلوا ما بها: والمشبه به (الحمار) الذي يحمل الكتب النافعة، دون استفادته منها، والأداة الكاف، ووجه الشبه (الهيئة الحاصلة من التعب في حمل النافع دون فائدة.
الثاني- ما كان خفي الأداة: كقولك للذي يتردد في الشيء بين أن يفعله، وألا يفعله (أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى) ، إذ الأصل أراك في ترددك مثل من يقدم رجلا مرة، ثم يؤخرها مرة أخرى، فالأداة محذوفة، ووجه الشبه هيئة الإقدام والإحجام المصحوبين بالشك.
مواقع تشبيه التمثيل:
لتشبيه التمثيل موقعان:
(1)- أن يكون في مفتتح الكلام، فيكون قياسا موضحا، وبرهانا مصاحبا، وهو كثير جدا في القرآن، نحو قوله تعالى : (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة [البقرة/261]).
(2)- ما يجيء بعد تمام المعاني، لإيضاحها وتقريرها، فيشبه البرهان الذي تثبت به الدعوى، نحو قول الشاعر لبيد(:
وما المال والأهلون إلا ودائع … ولا بد يوما أن ترد الودائع
ونحو قول الشاعر :
لا ينزل المجد في منازلنا كالنوم ليس له مأوى سوى المقل
تأثير تشبيه التمثيل في النفس :
إذا وقع التمثيل في صدر القول: بعث المعنى إلى النفس بوضوح وجلاء مؤيد بالبرهان، ليقنع السامع ، وإذا أتى بعد استيفاء المعاني كان :
(1)- إما دليلا على إمكانها، كقول المتنبي :
وما أنا منهم بالعيش فيهم ولكن معدن الذهب الرغام
لما ادعى أنه ليس منهم مع إقامته بينهم، وكان ذلك يكاد يكون مستحيلا في مجرى العادة، ضرب لذلك المثل بالذهب، فإن مقامه في التراب، وهو أشرف منه .
(2)- وإما تأييدا للمعنى الثابت، نحو قول أبي العتاهية :
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها … إن السفينة لا تجري على اليبس
وعلة هذا: أن النفس تأنس إذا أخرجتها من خفي إلى جلي، ومما تجهله إلى ما هي به أعلم
ولذا تجد النفس من الأريحية ما لا تقدر قدره، إذا سمعت قول أبي تمام :
وطول مقام المرء في الحي مخلق …… لديباجتيه فاغترب تتجدد
فإني رأيت الشمس زيدت محبة … إلى الناس أن ليست عليهم بسرمد
وبعد:
فالتمثيل يكسب القول قوة، فإن كان في المدح كان أهز للعطف، وأنبل في النفس ، وإن كان في الذم كان وقعه أشد، وإن كان وعظا كان أشفى للصدر، وأبلغ في التنبيه والزجر، وإن كان افتخارا كان شأوه أبعد، كقول من وصف كأسا علاها الحباب :
وكأنها وكأن حامل كأسها إذ قام يجلوها على الندماء
شمس الضحى رقصت فنقط وجهها بدر الدجى بكواكب الجوزاء




بارك الله فيك أستاذتنا الفاضلة على الدرس الرائع
جعل الله ما تقدمي في ميزان حسناتك
في انتظار المزيد من الإفادة
بالتوفيق




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.