إنا كفيناك المستهزئينلقد مضت سنة الله تبارك وتعالى بالمناوئين للرسول صلى الله عليه وسلم والمعادين للرسل قبله المستهزئين بهم الساخرين منهم أن يُحلَّ بهم نكاله العظيم وعذابه الشديد في الدنيا قبل الآخرة ، ولنتأمل في ذلك قول الله تبارك وتعالى: ( وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (31) وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ) [الرعد:31–32] .
فالله تبارك وتعالى يملي للظالم و لا يهمله ويمهل المستهزئ الساخر ولا يتركه ، وإذا أخذه أخذه أخذ عزيز مقتدر ( فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ) أي أمهلتهم قليلا ثم كان أخذه تبارك وتعالى أخذا شديدا . ومن يتأمل التاريخ على طول مداه يجد العقوبات الكثيرة والقوارع العديدة التي أحلَّها الله تبارك وتعالى بالمعادين للرسل ولاسيما الساخرين المستهزئين ، وقد قال الله تعالى مُطْمَئِنْا رسوله صلى الله عليه وسلم ( إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) [الحجر:95]، وقال جل وعلا: ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) [الكوثر:3]أي الأقطع ؛ يقطع الله تبارك وتعالى دابره ويمحق عينه وأثره ، وقد أحل الله عز وجل عقوباته الأليمة ونكالَه الشديد بكل ساخر مستهزئ بأنبيائه الله ورسله الكرام ، وكيف بمن يستهزئ بإمام المرسلين وخاتم النبيين عليه صلوات الله وسلامه !! .
وإذا كان الله جل وعلا قال في حديثه القدسي ((مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ )) فكيف بمن عادى نبيا !! وكيف بمن عاد إمام المرسلين وقدوة الخلائق أجمعين وسيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام !! . ولئن كان بعض الأسافل والأراذل في زماننا هذا أخذوا يتهكمون بشخص النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ويهزؤون به عبر صورٍ ساخرة وكلماتٍ مستهزئة أو أفلام وقحة خسيسة فإن هذا إِذْن بزوالهم ومحقهم بإذنه تبارك وتعالى ، وسنة الله جل وعلا ماضية بمن كان شأنه كذلك ، ومن أراد مصداق ذلك فليقرأ التاريخ كلَّه فهو مليء بالشواهد العديدة والأدلة الكثيرة التي تدل على كمال قدرة الله وعظيم بأسه وانتقامه لنبيه ومصطفاه ولجميع النبيين من قبله .
وإنا لنلتجئ إلى الله عز وجل معلنين ضعفنا وقلة حيلتنا ملتجئين إليه وحده سبحانه أن ينتصر لرسوله الكريم ، ويعجل بهلاك المتطاولين الساخرين المستهزئين ، إنه سميع عليم.
من موقع الشيخ عبد الرزاق البدر .