بسم الله الرحمان الرحيم ** فن السيرة الذاتية ** السيرة فن قصصي يجمع بين التأريخ والأدب عرفه العرب منذ القدم وهو أحد أهم المصادر التي امدت القصص الفني بتقنيات السرد , وقد عد بعض الباحثين السيرة النبوية العطرة مرحلة انتقالية بين الشكل القصصي الذي عرفه العرب قبل الاسلام وبين الشكل الذي تطور فيما بعد ليعرف بالقصص العربي , مؤكدا ان لها تأثيرا كبيرا على القصة العربية حيث توجهت انظار العرب إلى (( فن السيرة )) فأولوه اهتماهم واعتنو به واتخذو له اشكالا عدة كان من أهمها فن السيرة الذاتية. وهي بتعبير بسيط أن يحكي صاحبها عن سيرة حياته أو شيئا منها ملتزما بواقعه . يقول الدكتور ناصر عبد الرازق الموافي في كتابه ( القصة العربية.. عصر الابداع) أن العرب كانت تنظر الى السيرة النبوية نظرة أقرب إلى التقديس فلم يجرؤ احد على سرد سيرته الذاتية حتى لا يتهم بمجاراة السيرة النبوية , فلما استقر نص السيرة النبوية شرع النابهون إلى سرد سيرهم الذاتية . ولعل رحلة الامام الشافعي أول سيرة ذاتية عربية يصل إلينا نصها )) انتهى كلامه… وهذا من شأنه ان يفند قول البعض ان السيرة فن نافذ الينا من الغرب وليس فنا عرفه العرب قديما , والعالم العربي زاخر بالكثير من الأدباء الذين كتبوا سيرهم الذاتية مثل: طه حسين وكتابه ( الأيام) وأحمد أمين وكتابه ( حياتي) ثم كتب المازني كتابه ( قصة حياة) واستهله بتعليق ظريف يقول فيه( هذه ليست قصة حياتي وإن كان فيها الكثير من حوادثها والأولى أن تعد قصة حياة)]ثم توالت السير وشرع عدد غير قليل من الأدباء الى رصد تجاربهم وكتابة سيرة حياتهم قاصدين حفظها وإيصالها للأجيال القادمة. ولعل تعليق المازني ذاك نابع من تهيب العرب من الأتيان على ذكر تفاصيل حياتهم الخاصة وتجاربهم الشخصية , وهو توجه انتهجه الكثير من الادباء والمثقفين والمفكرين العرب حين يكتبون سيرهم الذاتية فهي في غالبها سرد لتجاربهم الخارجية وفي صميم اهتماهم سواء علمي أو فكري أو فلسفي قلما يذكر فيه شئ من حياتهم الخاصة … فالفيلسوف يسجل تجاربه الفلسفية والفكرية والعالم يكتب عن علمه وأفكاره والاديب يدون مآثره الادبية مهملين الكثير من الجوانب الهامة في حياتهم الشخصية والتي من شأنها ان تضفي الطرافة و الحميمية والحيوية والدفء لهذا الفن القصصي وثيق الصلة بالرواية خاصة إن كُتب بطريقة فنية شيقة . في كتابه رحلة ضؤ يقول عبد الرحمن منيف ((أن السيرة الذاتية كصيغ كتابة , لها سحر آسر لكاتبها وقارئها معا. إذ بالاضافة للخصوصية فهي في أغلب الأحيان منطلقة , حرة سلسة وفيها كم غير قليل من التفاصيل الحارة وفي بعض الاحيان الساخنة باعتبارها اعترافا قبل كل شئ , ولإنها استعادة لحياة كانت ذات يوم بكل ما حفلت به من متع وخيبات وجروح وما مازجها من رغبات وأحلام .)) وخلاصه ما ذكره منيف ان السيرة الذاتية تبلغ أوج الحميمية والصدق إن هي اتت على ذكر التفاصيل الشخصية والخاصة والتجارب اليومية لكاتبها وما مر به في طفولته وشبابه وهي تستمد قوتها من كونها شهادة ورصد لحياة هذا الانسان بغض النظر عن اهميته ومركزه ومكانته فكل حياة صالحة لتروى إن كانت صادقة ومعبر عنها بطريقة فنية ممتعة وشيقة. والادب السعودي زاخر بالكثير ممن اهتموا بكتابة سيرهم الذاتية كان آخرها كتاب ( مسيرتي مع الحياة ) لوزيز التعليم السابق محمد بن أحمد الرشيد والتي كانت غاية في الحميمية بوجود الكثير من التفاصيل التي أوردها المؤلف عن حياتة وطفولته ونشأته وتجاربه العلمية والعملية وحياته الإدارية ورؤاه وتطلعاته .. يقول في مقدمة كتابه..(( جاء هذا الكتاب استجابة لشعوري بأن النقلة الاجتماعية والتعليمية والثقافية والمادية التي عشت قبلها ومعها لم يكتب عنها بما فيه الكفاية , فأردت أن اضع امام القراء الكرام وخاصة الناشئين صورا عشتها مؤملا أن تنفعهم في مسيرتهم لبناء المستقبل المشرق بهم بإذن الله)) ختاما … :):(:(:(:(:(:(:(السيرة الذاتية فن يستمد جماله من روح كاتبه وقدرته على خلقها في قالب روائي ممتع. |
||
احسن الله اليك وجعل ما تقديمن في ميزان حسناتك ان شاء الله