التصنيفات
العربية والعرب,صرف,نحو,إملاء...إلخ

أمثال وعبر

السلام عليكم ورحمة الله

هذه سلسلة من الأمثال العربية أرصدها هنا بعد انتقائها من أمهات الكتب وأرجو أنْ تُحضى بالمتابعة للإستفادة.

(( وافق شــنٌّ طبقــة ))

تعليمية

* قال الشرقي بن القطامي :

كان رجل من دهاة العرب وعقلائهم يقال له( شَنٌّ )، فقال : لأطوفن حتى أجد امرأة مثلي أتزوجها ، فبينما هو في بعض مسيره إذ وافقه رجل في الطريق، فسأله شَنٌّ : أين تريد ؟ فقال : موضع كذا يريد القرية التي يقصدها شَنٌّ ، حتى إذا أخذا في المسير قال له شن : أتحملني أم أحملك ؟ فقال الرجل : يا جاهل أنا راكب وأنت راكب فكيف أحملك أو تحملني ؟ فسكت عنه شنٌّ ، وسارا حتى إذا قربا من القرية إذا بزرع قد استحصد ( أي آن أوان حصاده ) فقال شَنٌ : أترى هذا الزرع أُكلَ أم لا ؟ فقال الرجل : يا جاهل ترى نبتاً مُستحصداً فتقول : أكل أم لا ؟ فسكت عنه شنٌّ،حتى إذا دخلا القرية لقيتهما جنازة ، فقال شَنٌّ : أترى صاحب هذا النعش حياً أو ميتاً ؟ فقال له الرجل : ما رأيتُ أجهل منك ! ترى جنازة تسال عنها أميتٌ صاحبها أم حي ؟! فسكت عنه شَنٌّ ، فأراد مفارقته فأبى الرجل أن يتركه حتى يصير معه إلى منزله ، فمضى معه ، فكان للرجل بنت يقال لها ( طبقة ) ، فلما دخل عليها أبوها سألته عن ضيفه ، فأخبرها بمرافقته إياه ، وشكا إليها جهله ، وحدثها بحديثه ، فقالت : يا أبتِ ! ماهذا بجاهل ، أما قوله : أتحملني أم أحملك ؟ فأراد : أتحدثني أم أحدثك حتى نقطع طريقنا ، وأما قوله : أترى هذا الزرع قد أُكلَ أم لا فأراد : هل باعه أهله فأكلوا من ثمنه ؟ أم لا ؟ وأما قوله في الجنازة ، فأراد : هل ترك هقباً يحيا بهم ذكره أم لا ؟ فخرج الرجل ، فقعد مع شَنٍّ ، فحادثه ساعة ، ثم قال : أتحب أن أفسّر لك ما سألتني عنه؟ قال : نعم ، فسرَّهُ ، ففسَّرهُ ..قال شنٌّ : ما هذا كلامك ! أخبرني عن صاحبه ، قال : ابنة لي ، فخطبها إليه ، فزوجه إياها ، وحملها إلى أهله ، فلما رأوها قالوا :

((وافق شَنٌ طبقة )) ، فذهبت مثلاً ..

* وقال الأصمعي :

هم قوم كان لهم وعاء من أدَم فتشنّنَ ، فجعلوا له طبقاً ، فوافقه ، فقيل : ((وافق شَنٌ طبقة )) ، وهكذا رواه أبو عبيد في كتابه وفسره.

* وقال ابن الكلبي :

طبقة قبيلة من إياد ، كانت لا تطاق ، فوقع بها شنُّ بن أفصى بن عبد القيس بن أفصى بن دُعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار فانتصف منها ، وأصابت منه ، فصار مثلاً للمتفقين في الشدة وغيرها .

* قال الشاعر :

لقيتْ شُّ إياداً بالقنا * * * * طبقاً وافق شنٌّ طبقهْ

وزاد المتأخرون فيه : وافقه ، فاعتنقه.

مجمع الأمثال : للميداني ( ج 2 / 373)





بسم الله الرحمن الرحيم

تعليمية

(( الحــربُ ســِجال ))

المساجلة : أن تصنع مثل صنيع صاحبك من جري ٍ أو سقي ، وأصله من السَّجْل وهو ( الدلو ) فيها ماء قلَّ أو كثر ، ولا يقال لها وهي فارغة ( سَجْـل )

قال الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب :

من يساجلني يساجلُ ماجدأ * * * يملأ الدلو إلى عَقْدِ الكَرَبْ

* حكاية المثل :

قال أبو سفيان يوم أحد بعدما وقعت الهزيمة على المسلمين : اعلُ هُبل ! اعلُ هُبل ! ، فقال عمر : يا رسول الله ألا أجيبه ؟! قال : بلى يا عمر ، قال عمر : الله أعلى و أجلَّ ، فقال أبو سفيان : يا ابن الخطاب ..إنه يوم الصّمت يوماً بيوم بدر ، وإن الأيام دُول ، وإن الحرب سِجال ، فقال عمر : ولا سَواء ، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار ، فقال أبو سفيان : إنكم لتزعمون ذلك ، لقد خِبنا إذَنْ وخسرنا .

مجمع الأمثال : للميداني ( ج1 / 236 )

وأنا أقرأ هذا المثل وحكايته شدّني الفضول لمعرفة الأصل اللغوي للفظة " سجال " وارتأيت ُ ألاّ أبخل على القارئ بما وجدت :

– فالسجال حسب القاموس اللغوي من المساجلة ،

والمُساجَلة: يعني المُفاخَرة بأن يَصْنَع مثلَ صَنِيعه في جَرْيٍ أَو سقي وأصله من السَّجْل، وهو الدلو فيها ماء قلَّ أو كثر – ولا يقال لها وهي فارغة: سَجْل.

وقال الفضل بن عباس بن عتبة بن أبي لهب:

مَنْ يُساجِلْني يُسَــــاجِلْ ماجِــداً، يَمْــلأُ الدَّلْوَ إِلـــى عَقــْدِ الكَـرَب

أصل المُسَاجَلة أن يَسْتَقِيَ ساقيان فيُخْرج كُل واحد منهما في سَجْله مثل ما يُخْرج الآخر، فأيّهما نَكَل فقد غُلِبَ، فضربته العرب مثلاً للمفاخرة، فإِذا قيل فلان يُساجِل فلاناً، فمعناه أنه يُخْرِج من الشَّرَف مثل ما يُخرِجه الآخرُ، فأيهما نَكَل فقد غُلِب.

وقال أبو سُفيان يوم أُحد بعدما وقعت الهزيمة على المسلمين: أعْلُ هَبَلُ، أعْلُ هُبَلُ! فقال عمر: يا رسول الله ألا أجيبه؟ قال: بلى يا عُمر. قال عمر: الله أعلى وأجَلُّ! فقال أبو سفيان: يا ابن الخطاب، إنه يوم الصَّمْت، يوماً بيوم بدر، وإن الأيام دُوَل، وإن الحرب سجال. فقال عمر: ولا سَوَاء، قتلانا في الجنة، وقتلاكم في النار.

فقال أبو سفيان: إنكم لتزعمون ذلك، لقد خِبْنا إذن وخَسِرْنا!

وفي حديث أبي سفيان أن هِرقل سأله عن الحرب بينه وبين النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال له: الحَرْب بيننا سِجَالٌ؛ معناه إنا نُدَالُ عليه مَرَّة ويُدَالُ علينا أخرى، قال: وأصله أن المُسْتَقِيَين بسَجْلَين من البئر يكون لكل واحد منهما سَجْلٌ أي دَلوٌ ملأى ماء.

السَّجْلُ: الدَّلْو الضَّخْمَة المملوءةُ ماءً، مُذَكَّر، وقيل: هو مِلْؤُها، وقيل: إذا كان فيه ماء قَلَّ أو كَثُر، والجمع سِجالٌ وسُجُول، ولا يقال لها فارغة سَجْلٌ ولكن دَلْو؛ وقيل: لا يقال له وهو فارغ سَجْلٌ ولا ذَنُوب؛ قال الشاعر:

السَّجْلُ والنُّطْفَـــــة والذَّنُـــوب، حَتــَّى تَــرَى مَرْكُوَّهـــــــا يَثُــوب

وأنشد ابن الأعرابي:

أُرَجِــّي نائــلاً مــن سَــــيْبِ رَبٍّ، لــه نُعْمَـــى وذَمَّتُـــــه سِــــجَالُ

قال: والذَّمَّة البئر القليلة الماء.

والسَّجْل: الدَّلْو المَلأى، والمعنى قَلِيله كثير، وأسْجَله: أعطاه سَجْلاً أو سَجْلَين، وقالوا: الحروب سِجَالٌ أي سَجْلٌ منها على هؤلاء وآخر على هؤلاء..

وقال ابن الرومي:

قُلْ لأيـــوبَ والكـــلامُ ســــجالُ والجــوابات ذاتَ يـــــومٍ تُــدالُ

اسكتوا بعدَهـا فلا تذكـروا الشْـ شُــؤم حيـــاً فأنتُــــمُ الآجـــــالُ

وانسَجل الماءُ انسجالاً إِذا انْصَبَّ؛ وأسْجلْت الحوض: مَلأْته، وأَسْجَل الرجلُ: كثُر خيرُه.

وأَسْجَلَ الناسَ: ترَكَهم، وأَسْجَلَ لهم الأَمرَ: أطلقه لهم؛ والسَّجِيلُ: الصُّلْب الشديد.

وفي التنزيل العزيز: «ترْمِيهم بحِجارة من سِجِّيل»، وقيل: هو حجر من طين، مُعَرَّب دَخِيل، قال الله تعالى: «كَلاَّ إِن كتاب الفُجَّار لَفِي سِجِّينٍ وما أدراك ما سِجِّينٌ كتابٌ مَرْقومٌ»؛ وسِجِّيل في معنى سِجِّين، المعنى أنها حجارة مما كَتَب الله تعالى أنه يُعَذبهم بها؛ وقيل في حجارة من سِجِّيل إنها حجارة من طين طُبِخَتْ بنار جهنم مكتوب فيها أسماء القوم لقوله عز وجل: لنُرْسِل عليهم حجارة من طين.

الأخطل:

حيِّ المنازِلَ بَينَ السّفْحِ والرُّحَــبِ لمْ يَبْقَ غَيرُ وُشــومِ النّارِ والحطبِ

وعقرٍ خالـــــداتٍ حـــولَ قُبتهــا وطامسٍ حبشي اللونِ ذي طببِ

وغيرُ نؤيٍ قديمِِ الأثـــرِ، ذي ثلــمٍ ومستكينٍ أميمٍ الرَّأسِ مســــتلب

تعتادُها كلُّ مثلاةٍ وما فقـــــدت عَرْفاءُ مِنْ مُورِها مجنونَــةُ الأدبِ

ومظلمِ تعملُ الشــــكوى حواملــــُهْ مستفرغٍ من سجالِ العينِ منشطبِ

-كما أن السجال بمعنى الجدال والمناظرة، وهذا هو الجاري لدى الكتاب في مقالاتهم وأبحاثهم، ومن هذا ما يقول آخر: اشتد "السجال" بين الأطراف كافة، وهذا شيء فاش كثير.

أقول: و "السجال" بهذا الاستعمال وهذه الدلالة شيء جديد مستوحى من معنى السجال في الأصل.

السجال": جمع سجْل بمعنى الدلو الممتلئة ماءً، ولا يكن سجل إلا وهو ممتلئ ماءً، قال لبيد: يُحيلُون السجال على السجال.

وفي حديث أبي سفيان: أن هرقل سأله عن الحرب بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: الحرب "سجال" معناه: إنّا نُدَال عليه، ويُدال علينا أخرى.

أقول: وقوله: "الحرب سجال" على التشبيه، أي هي كالسجل يتناوب فيها المستقيان من البئر، وهي كما في الأصل جمع "سَجْلُ" وليس فيها شيء مما درج عليه المعاصرون الذين حولوا الكلمة في استعمالهم إلى "مصدر" وكأنه في استعمالهم مصدر لـ "ساجل" مثل: سابق ومصدره "سباق" و "مسابقة".

أقول أيضاً : إن الأقدمين ذهبوا في دلالة "السجال" وهي جمع إلى معنى المبادلة والمعاقبة فأخذوا من السَّجْل وهو الاسم، المساجلة ولم يحولوا السجال إلى مصدر نحو: السباق والمسابقة، والصراع والمصارعة، وغيرهما كثير جدا.

وأريد أن أقول: إن مصدر "فاعل" هو المفاعلة والفعال، وهذا لا يعني أن كل فعل على هذا يأتي منه هاتان الصيغتان فكثيراً ما اكتفي في العربية بأحدهما وهجر الآخر على قياسيته. ألا ترى أنك تقول: "المباراة" من الفعل "بارى" ولا تقول براء ولم يجر به الاستعمال ‍ وتقول: مضاحكة ولا تقول: ضِحَاك، وتقول: ملاعبة ولا تقول : لِعَاب، وتقول: مكاثرة ومكابرة، ولا تقول: كِثَار ولا كبار.

ومن هنا كان على المعاصرين أن يكتفوا بـ "مساجلة" لأن السجال بقيت في العربية جمعاً، ولم ترد مصدراً، وإن كانت قياسية كالمساجلة.

واستعمل الزملكاني صاحب "البرهان الكاشف عن إعجاز القرآن" في كلامه على الأحرف في فواتح السور كلمة التساجل، ولم يرد هذا المصدر في كتب اللغة، ولكن المؤلف جعله من قبيل التبادل والتناوب ونحوهما، وكان موفقاً فيه، قال:

"إنها كالمهيِّجة لمن يسمعها، والموقظة للهمم الراقدة من البلغاء لطلب التساجل في الأعلام". . .




(( إنَّ غــداً لناظرهِ قــريـبٌ ))

تعليمية

يحكى أنّ الملك النعمان بن المنذر خرج يوما يتصيد على فرسه اليحموم, فطارد حمار وحش وشذ عن رفاقه وأمطرت عليه السماء فطلب ملجأ, فجاء إلى بناء وجد فيه رجلا من طيء يقال له حنظلة ومعه امرأة له. فذبح الطائي له شاة وأعد له خبزا فأطعم النعمان ولم يكن يعرفه, فلما أصبح النعمان لبس ثيابه وركب فرسه ثم قال: يا أخا طيء اطلب ثوابك, أنا النعمان, قال الطائي: أفعل إن شاء الله. ثم مضى النعمان ولحق بالخيل إلى الحيرة, ومكث الطائي بعد ذلك زمانا حتى اصابته نكبة وجهد فقالت له امرأته: لو أتيت الملك لأحسن إليك. فذهب الطائي إلى الحيرة, فوافق مجيئة يوم بؤس النعمان, فلما رآه النعمان قال له: أفلا جئت غير هذا اليوم, والله لو سنح لي في هذا اليوم ابني قابوس لم أجد بدا من قتله. فاطلب حاجتك من بالدينا, وسل ما بدا لك فإنك مقتول قال: وما أصنع بالدينا بعد نفسي, وإن كان لابد فأجلني حتى أعود لأهلي فأوصي إليهم وأهيئ حالهم, ثم أعود إليك, قال النعمان: أقم لي كفيلا على ذلك.‏

فوثب إليه رجل من كلب يقال له قراد, فقال للنعمان: هو علي فضمنه إياه. ثم أمر النعمان للطائي بخمسمئة ناقة, فمضى بها الطائي إلى أهله وكان الأجل عاما, من يومه ذلك إلى مثل ذاك اليوم, فلما حال على الطائي الحول وبقي من الأجل يوم قال للنعمان لقراد: ما أراك إلا هالكا غدا فقال قراد:‏

فإن يك صدر هذا اليوم ولى‏ * * * فإنَّ غداً لناظره قريبُ‏

وبينما كان قراد يعد للقتل إذ ظهر لهم الطائي, قال له النعمان: ما الذي حملك على الرجوع بعد إفلاتك من القتل?..

قال الطائي: الوفاء

ثم عفاعنه النعمان..‏

منقول بتصرف




موضوع رائع…شكرا




والشكر متواصل

انعم بك وبمرورك العطر

وأتأسف على أهل المنتدى لا يزورون مثل هذه المواضيع التي تركها السلف

ونحن في أمس الحاجة إليها .

تقديري لشخصكم الكريم .




شكرا اختاه بارك الله فيك
وجزاك الله الجنة




شكرا على الموضوع المميز




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.