بسم والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
يقول العلامة عبد الرحمن السعدي -رحمه الله تعالى- في تفسير قول الله تعالى : (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ۚ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [التغابن:11]يقول تعالى: { مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ } هذا عام لجميع المصائب، في النفس، والمال، والولد، والأحباب، ونحوهم، فجميع ما أصاب العباد، فبقضاء الله وقدره، قد سبق بذلك علم الله [تعالى]، وجرى به قلمه، ونفذت به مشيئته، واقتضته حكمته، والشأن كل الشأن، هل يقوم العبد بالوظيفة التي عليه في هذا المقام، أم لا يقوم بها؟ فإن قام بها، فله الثواب الجزيل، والأجر الجميل، في الدنيا والآخرة، فإذا آمن أنها من عند الله، فرضي بذلك، وسلم لأمره، هدى الله قلبه، فاطمأن ولم ينزعج عند المصائب، كما يجري لمن لم يهد الله قلبه، بل يرزقه الثبات عند ورودها والقيام بموجب الصبر، فيحصل له بذلك ثواب عاجل، مع ما يدخر الله له يوم الجزاء من الثواب كما قال تعالى: { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } وعلم من هذا أن من لم يؤمن بالله عند ورود المصائب، بأن لم يلحظ قضاء الله وقدره، بل وقف مع مجرد الأسباب، أنه يخذل، ويكله الله إلى نفسه، وإذا وكل العبد إلى نفسه، فالنفس ليس عندها إلا الجزع والهلع الذي هو عقوبة عاجلة على العبد، قبل عقوبة الآخرة، على ما فرط في واجب الصبر. هذا ما يتعلق بقوله: { وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ } في مقام المصائب الخاص، وأما ما يتعلق بها من حيث العموم اللفظي، فإن الله أخبر أن كل من آمن أي: الإيمان المأمور به، من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، وصدق إيمانه بما يقتضيه الإيمان من القيام بلوازمه وواجباته، أن هذا السبب الذي قام به العبد أكبر سبب لهداية الله له في أحواله وأقواله، وأفعاله وفي علمه وعمله. |
||
قالوا ان لله وان اليه راجعون
وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل