النّص :
إنّ ظاهرةَ الهجرةِ السِّريَّة التي يروحُ ضحيَّتها شبابٌ (انسَدّت في وَجْهه الآفاق)، فاختار رُكوب البَحر، انتقلت عُدوَاها إلى الأطفال والنِّساء والشيُوخ، حَيثُ تسْتَهويهم المُغامَرة و يُصرِّون على حَجز مَكان ما بُقاربُ من قوارب المَوت أمَلا في بُلوغ الضِّفة الأخرَى، وهذا كلُّه يُعني أن سيولَ الهِجرة نحوَ الشَّمال آخذةٌ في الارتفاع وأنَّ موسمَ الرَّحيل استحال مَواسمَ لا نهائيَّة تُهدي مَزيدا من الضَّحايا و الآلام الاجتمَاعيَّة في كلِّ حِين .
إنَّ نتائجَ التنميَّة المَعطوبَة هي التي تُوصل الشَّباب وغيرهم إلى درَجات عُليا من اليَأس، وهي ذات العَوامل التي تقف وراء تفضيل " عَسل الآخر" على" قَطران الوطن "، وتَجعل المَرء رَاغبا في الهجْرة ولو بأقسَى الوَسائل، فأمام غياب فرص العمل والاندماج السَّوي في الحياة الاجتماعيَّة، وبسّبب ضُعف آليات الـتأطير الذي يُمكن أن تلعبَه هيئاتُ المُجتمع المَدني، وأيضا بسبب الصُّورة الـــنَّمطيَّة الباذِخَة التي تُروّجُ عن الضِّفة الأخرى …
لكنَّ البَطالة والفُقر والتَّهميشَ لم تكن دومًا أسبابا وحيدةُ وراء تأجيج الرَّغبة في الهجرة السَِّرية، فثمَّة عواملُ أخرى من قَبِيل الانبِهار بدُنيا الآخرِ واشتهاء مُحاكاتِه في سِياق رحلة الاغتِرابِ عن الذات التي تحتملُ التوجُّهَ العامَّ نحو مُجتمع استهلاكي ذي بعدٍ واحدٍ يرى في" الآخر"منتهى الأشياء، فابن خلدُون أخبرَنا في مقدِّمتِه (أنَّ المَغلوبَ دائِمًا مُولَّع) باقتداء الغالبِ في نَحلته وأكلِه ومَلبسِه وسَائر أحواله وعَوائِده، إنَّها ضريبَةٌ أخرى من ضَـرائب الـتَّخلف والتبعيَّة التي تغرَقُ فيها دول الجنوب… فالحَذرَ الحذرَ!يا شبابُ .
د)- الوضعيّة الإدماجية : 08 نقاط.
جاء في النَّص : أنَّ المَغلوبَ دائِمًا مُولَّع باقتداء الغالبِ في نَِحلتِه وأكلِه ومَلبسِه وسَائر أحواله وعَوائِده.
رأيت أحد زملائك مُولعا بشكله، ناسيًّا نفسه أن همّه الوحيد في هذه المَرحلة هو طبعُه وعلمُه، أرَدت أن تنصَحه وتبيّن له أن المُحاكاة لا تكون في النِّحلة والمَلبس وفقط . جادِله بالتي هي أحسنُ، مُستعملا التَّعجب والتَّفضيل والتَّحذير.
انتهــى بالتوفيق
عمل مميز