التصنيفات
طفلي الصغير

وتسأل عن طفلها المزعج ويجيب

بسم الله الرحمان الرحيم

تعليمية

السؤال:
طفلي عمره تسع سنوات، يسيء معاملتي ومعاملة إخوانه الأصغر منه، يتكلم أكبر من سنه، ولكنه ذكي جداً، وعنده مواهب كثيرة يريد أن يستغلها ولكن لا يتوفر له ذلك، يستفز من حوله ولا يستجيب للنصيحة.. أخوه الأصغر طيب وحنون عليه وهو لا يبادله ذلك، رغم أنني أشعر أن بداخله أشياء طيبة، والده يعمل في بلد آخر غير بلدنا، وابني لا يحترم إلا كلام والده، وهو لا يخاف مني.. فكيف أربيه بطريقة صحيحة؟ وكيف أمنعه من التصرفات والخطأ والكلام الأكبر من سنه؟ علماً بأنني استعملت معه أسلوب الضرب ولكن دون جدوى.. أرشدوني مأجورين.

تعليميةالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
اسمحي لي أن أستعرض معك الخصائص العمرية لابنك قبل التطرق إلى بعض الحلول، وأتمنى أن تجدي في جوابي ما يفيدك:
ابن التاسعة من الناحية الانفعالية قد يكون سريع الغضب، نافذ الصبر، لكنه مثابر مصر على إتمام ما خططه لنفسه من عمل، لكن تستطيع أمه أن تقطع عليه عمله فيطيعها بحسن خلق لكن صعوبته الوحيدة ربما كانت أنه من الانهماك في العمل، بحيث لا يستطيع سماع أمه حينما تتكلم، وهذا ما قد تفسره بعض الأمهات أنه عدم اهتمام بها وبكلامها.
يقيس ابن التاسعة أعمال كل من والديه وإخوته بمقياسه الخاص، مما يجعلها عرضة لسخطه واشمئزازه؛ لأنه يريد أن تكون تصرفاتهم صائبة.
أخطاء ابن التاسعة تكون عن إهمال أكثر مما هي متعمدة، ويقلق ابن التاسعة على الصواب والخطأ، كما أنه يتقبل اللوم قبولا لا بأس به إن كان مستحقا له، لكن يضطرب كثيرا إذا عوتب على ما لم يقترفه، ويضيف أحد المختصين وهو يتحدث عن ابن التاسعة ما يلي:
ابن التاسعة لديه ثقة في نفسه مع هدوء داخلي، هذه الثقة وهذا الهدوء عاملان يساعدانه ليكون أكثر استقلالية عن والديه، سواء استقلالية فكرية أو استقلالية اجتماعية تجد من استقلاله الفكري عن آراء الكبار أنه رغم اهتمامه بهذه الآراء وتأثره بها إلا أنه يجادل فيها ويتحداها أحياناً فينتقد الكبار، ويهيئ نفسه ويهيئكم لاستقلاله الفكري المنتظر في مراهقته، علينا أن نتجنب فرض آرائنا الشخصية عليه، بل نعرضها عرضاً ونحترم آراءه، قد يزداد عدم تقبل ابن التاسعة لآراء الكبار إذا لم يجد منا من يحرص على الاستماع إليه ومعرفة ما يدور في ذهنه من اعتراضات أو آراء مخالفة.. ابن التاسعة يهيئ نفسه وأسرته لاستقلال آخر غير الاستقلال الفكري، يهيئ نفسه وأسرته للاستقلال الاجتماعي المنتظر في مراهقته، فتجده يهتم بأصدقائه أكثر مما يهتم بالعائلة .
ابنك على أعتاب مرحلة تحصل فيها تغيرات هائلة على المستوى النفسي والجسمي والعقلي، إنه الآن في مرحلة الطفولة المتأخرة، وينتقل تدريجيا إلى مرحلة المراهقة المبكرة، وهذا الانتقال ليس بالانتقال السهل.
هذا ابنك من زاوية خصائص نموه، لكن ماذا عن ابنك كطفل متفرد، فلنستعرض ما جاء على لسانك حول ابنك:
– عنيد.
– شقي.
– يسيء معاملتك ومعاملة إخوته.
– لا يسمع النصيحة.
– أخوه الأصغر أطيب منه، وأحن منه.
– كلامه أكبر من سنه.
– ذكي جدا.
– له مواهب عديدة لا أستطيع استغلالها.
– لا يخاف منك، ولا يسمع كلامك.
إن ما استعرضناه معا يظهر غضبا شديدا يكاد يخرج من بين الأسطر، إن قولك على ابنك إنه عنيد -ذكي جدا-كلامه أكبر من سنه- لو مواهب عديدة تركيبة منطقية لطفل موهوب فهو عنيد لأنه ذكي وله آراؤه الخاصة التي يجب أن تَسمع منه وتُحترم إذا كانت صائبة وغير ضارة، وكلامه أكبر من سنه، هل حاولت أن تعرفي خصائص العمرية لسنه لتعرفي هل ذلك الكلام أكبر من سنه، أم أنه كلام لا ترغبين في سماعه، فتقولين إنه أكبر من سنه؟ إذا كنت تقصدين بأكبر من سنه أنه يتدخل في حوار الكبار بشكل غير لائق فهذا يجب أن تمنعيه بشكل فيه احترام له.
إن سن طفلك كباقي أطفال مرحلته والمراحل السابقة النصيحة ليست بذات فائدة، فهو يحتاج إلى القدوة، والطرق غير المباشرة في التربية.
غالبا في سن ابنك الغيرة تكون غير ذات تأثير كبير، إلا إذا كنتِ دائمة المقارنة بينه وبين باقي إخوته كما كتبت في رسالتك ونسيتِ حقيقة أساسية، وهي أن عمر الطفلين مختلف وليس ببعيد عندما يصل الطفل الأصغر لسن أخيه يكون مثله، فتوقفي –أرجوك- عن هذه المقارنة لأنها غير منطقية.. ذكرتِ أنه لا يخاف منك، لماذا يجب أن يخاف منا أبناؤنا؟ إذا ربيت ابنك على الخوف منك ربيتيه أن يجاملك، وأن يقوم بالخطأ من ورائك، لماذا لا نعلِّم أطفالنا احترامنا ومعرفة الخطأ والصواب لأنفسهم وليس لنا؟
لكن إذا قصدت أنه ليس بمطيع لك خلافًا لطاعته لأبيه فهذا أمر يعتمد على علاقتك أنت بوالده وعلى نوعية هذه العلاقة هل هي قائمة على الاحترام المتبادل أم تمثلين فيها دور الضحية المغلوب على أمرها، لأن هذا يجعل الطفل يراك ضعيفة لا حول لك، كما يجعله إذا كان هو الطفل الأكبر يميل إلى تمثيل دور الأب في غيابه.
ما الحل إذن:
– راجعي علاقتك بابنك.
– تفهمي خصائص مرحلته العمرية.
– احترميه إذا كنت تريدين احترامه.
– استمعي إليه باهتمام وحب.
– شجعيه عندما يقوم بالسلوك الصائب.
– تغاضي ما أمكن على السلوك السيئ، وذلك سيجعله يتلاشى مع الوقت.
– إذا عاقبت على السلوك السيئ فليس بالضرب أو التحقير، لكن بحرمانه من شيء يحبه، أو من خروج مع أصدقائه، وكوني صارمة في ذلك.
-لا تعقدي مقارنات بينه وبين غيره.
– تأكدي من أنه سمع ما طلبتِ منه، بسؤاله أن يعيد لك ما قلت.
-لا تجعلي غضبك يجعلك لعبة في يد ابنك، أي عالجي تمرده بهدوء، وإذا وجدت نفسك عاجزة عن السيطرة على غضبك فغادري المكان الذي هو فيه، وعودي بعد أن تهدئي.
-ابتعدي عن توجيه الأوامر، حسسي ابنك بالاستقلالية، وبدل (افعل) قولي: ما رأيك لو نفعل كذا، أو ماذا تريد أن تفعل كذا؟ أو كذا أي أعطيه الاختيار بين أمرين حتى لا تعطيه فرصة ليعاندك ويقول لا.
-امنحيه ثقتك تكسبي طاعته.
– اعلمي أن غياب الأب قد يحدث إحساسا بعدم الأمان لدى الطفل، فيؤثر على سلوكه، إذن امنحيه الأمان.
– تمرد طفلك يحمل رسائل كثيرة أنه نداء لك: افهميني يا أمي أنا أحبك، ساعديني أرجوك لا تتركيني وحدي، فأنت شاطئ الأمان، وأنت الصدر الحنون، افهميني ولا تقسي علي أرجوك فلست شريرا كما تظنين، وإنما أحتاجك، ولا أعرف كيف أعبر عن ذلك سامحيني.




شكرا سيدة غاية الهدى على الموضوع القيم




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.