التصنيفات
رموز و شخصيات

القياس وانواعه عند الاخضري

– القياس:
إن القياس من أهم المباحث في علم المنطق، فالقياس يتم البرهان، وكل ما مضى من المباحث كان مجرد مبادئ للوصول إلى تركيب القياس، وأركانه، قال في هذا صاحب المتن مايلي:
إن القياس من قضايا صورا مستلزما بالذات قولا آخر
ثم القياس عندهم قسمان فمنه ما يدعى بالاقتراني
وهو الذي دل على النتيجة بقوة وإختص بالحملية
وإن ترد تركيبه فركبا مقدماته على ما وجبا
ورتب المقدمات وأنظرا صحيحها من فاسد مختبرا
فإن لازم المقدمات بحسب المقدمات آت
وما من المقدمات صغرى فيجب إندراجها في الكبرى
وذات حد أصغر صغراهما وذات حد أكبر كبراهما
وأصغر فذلك ذو اندراج ووسط يلغي لدى الإنتاج
– هذا شروع في مقاصد التصديقات وهو القياس، ومعناها اصطلاحا: لفظ تركب من قضيتين فأكثر، يلزم عنهما لذاتهما، قول آخر، والأول يسمى قياسا بسيطا والثاني سمي قياسا مركبا وسيأتي في كلامه وأنه يرجع إلى البسيط
فمثال الأول: أي القياس البسيط:
العالم متغير
كل متغير حادث
العالم حادث
أما مثال الثاني فهو :
البناش أخذ للمال خفية
كل أخذ للمال خفية سارق تقطع يده
البناش تقطع يده
إذن خرج بقيد التركيب من قضيتين: اللفظ المفرد، والقضية والواحدة، وخرج بالقول الآخر، ما إذا كان القول أحد المقدمتين كقولنا:
كل إنسان ناطق
كل ناطق بشر
كل إنسان بشر
إذن هي إحدى المقدمتين وخرج بقوله: لذاته ما إذا كان القول الآخر لا لذات القضيتين، كقولنا:
زيد مساو لعمر
عمر مساو لبكر
زيد مساو لبكر
ليست لازمة لذا المقدمتين بل بواسطة أجنبية وهي مساوي المساوي، لشيء مساو لذلك الشيء
– ثم إن القياس ينقسم إلى قسمين: إقتراني وشرطي.
– الإقتراني: هو ما ذكرت فيه النتيجة بمادتها دون هيئتها مثل:
كل إنسان حيوان
كل حيوان جسم
كل إنسان جسم
مذكورة في المقدمتين بمادتها أي بحروفها
وعرفه المصنف أنه ما دل على النتيجة بالقوة، لا بالفعل فإن القضية الأولى تتضمن دخول الإنسان في الحيوان والثانية تتضمن دخول الحيوان في الجسم فيلزم ذلك دخول الإنسان في الجسم، لذلك كانت النتيجة: كل إنسان جسم، وقد دل عليها القياس بالقوة لا بالفعل، وقول المصنف "وأختص بالحملية" هذا محمول على القياس الاقتراني الحملي وهو ما تركب من حمليات صرفي، كما تقدم في المثال وأما الاقتراني الشرطي فيكون في الشرطيات ولو كان معها حملية .
– الشرطي: هو ما تركب من الشرطيات، أو من شرطية وحملية، مثل:
كلما كان حيوان كان إنسان
كلما كان حيوان كان جسما
كلما كان إنسانا كان جسما
– حدود القياس وطريقة الإنتاج: يتركب القياس من حدود ثلاثة:
1- حد أصغرـــــــ وهو موضوع النتيجة
2- حد أكبرــــــــ وهو محمول النتيجة
3- حد أوسط ـــــــ وهو المكرر في المقدمتين، فلابد أن يتكرر الحد الأصغر والأكبر وبواسطته يحكم بالأكبر على الأصغر .
وهذا ما جاء في باب القياس عنده
6- فصل في أشكال القياس:
إن القياس الذي قلنا عنه أنه عبارة عن قول، وهو قضايا مرتبة بحيث تنتج لذاتها قولا آخر، تتغير بعض أحكامه عند تغير القضايا التي يتألف مها، فإننا قد عرفنا أن القضايا أنواع مختلفة فمنها المسورة كليا وجزئيا ومنها الموجبة ومنها السالبة ويختلف أيضا من حيث طريقة ترتيب القضايا بعضها مع بعض، ويؤثر على قوة إنتاجه عوامل أخرى، كقوة كل قضية بالنسبة لصدقها، أي مطابقتها مع الواقع أو عدم مطابقتها وقوة مطابقتها، فإن القضية قد تكون ظنية وقد تكون قطعية.
ولهذه الأسباب كلها ولغيرها، فقد إهتم المناطقة بالشكل الذي يتألف منه القياس من الحيثيات السابقة، وضبطوا كافة أوضاعه ليتمكنوا من التحكم بكيفية الإنتاج وهذا الفصل نشرح فيه بعض هذه الهيئات حيث قال:
الشكل عند هؤلاء الناس يطلق على قضيتي قياس
من غير أن تعتبر الأسوار إذ ذاك بالضرب له يشار
وللمقدمات أشكال فقط أربعة بحسب الحد الأوسط
حمل بصغرى وضعه بكبرى يدعى بشكل أول ويدري
وحمله في الكل ثانيا عرف ووضعه في الكل ثالثا ألف
ورابع الأشكال عكس الأول وهي على الترتيب في التكمل
فحيث عن هذا النظام يعدل ففاسد النظام أما الأول
فشرطه الإيجاب في صغراه وأن ترى كلية كبراه
والثاني أن يختلفا في الكيف من كلية الكبرى له شرط وقع
والثالث الإيجاب في صغراهما وأن ترى كلية إحداهما
وراجع عدم جمع الخنستين إلا بصورة ففيها يستبين
صغرتها موجبة جزئية كبراهما سالبة كلية
فتنتج لأول أربعة كالثان ثم ثالثا فسته
ورابع يحمنه قد أنتج وغيره ما ذكرته لم ينتجا
وتتبع نتيجة الأحسن من تلك المقدمات هكذا زكن
وهذه الأشكال بالحملي مختصة وليس بالشرطي
والحذف في بعض المقدمات أو النتيجة لعلم آت
وتنتهي إلى ضرورة لما من دور أو تسلسل قد لزما
– يرح صاحب المتن في هذا الفصل فيقول: أعني أن المناطقة اصطلحوا على تسمية قضيتي القياس من غير اعتبار الأسوار شكلا، ومع اعتبارها ضربا أي نوعا من أنواع الشكل، وقوله (عند هؤلاء الناس) البيت الناس بدل أو نعت أو عطف بيان على الوجوه في المحلي بأل بعد اسم الإشارة، وعن بمعنى على وقوله "إذ ذاك" البيت أي وقت اعتبار الأسوار أي يشار لمجموع القضيتين بالضرب فسمي ضربا ثم أن أشكال القياس أربعة، الحد الأوسط وبعضها أقوى من بعض ، ويعني أن الأشكال بحسب الحد المذكور أربعة أقسام:
– لأنه إما أن يكون موضوعا في الكبرى محمولا في الصغرى، كالإنسان حيوان، والحيوان حادث، فهو الشكل الأول المسمى بالنظم الكامل لأنه أقواها وهي ترجع إليه في الحقيقة.
– وإن كان محمولا فيهما معا كالإنسان حيوان، الفرس حيوان، فهو الشكل الثاني القريب من الأول لأنه وافقه في طرف الحمل الذي هو أقوى من طرف الوضع.
– وإما أن يكون موضوعا فيهما معا كالإنسان حيوان، الإنسان حادث، فهو الشكل الثالث لموافقته من طرف الوضع.
– وإما أن يكون موضوعا في الصغرى محمولا في الكبرى وهو عكس الأول، كالإنسان حيوان، الكاتب إنسان، فهو الشكل الرابع وهو أضعفها لبعده عن الأول لكونه لم يوافقه لا في الحمل ولا في الوضع، وهذا معنى قوله "وهي على الترتيب".
أي إذا عدل عن هذه الأشكال وعن هذا الترتيب فذلك فاسد كما سيأتي، ثم ذكر شرط إنتاج كل شكل واستغنى عن ذكر ضروبه بذكر شروطه لاستلزامه لذلك. والضرب عبارة عن نوع من الشكل بحسب تعاقب الأسوار عليه، وها نحن نذكر ضروب كل شكل أعني المنتجة منها ليبدوا لنا ما كان حاصلا بالقوة حاصلا بالفعل.
– فشرط إنتاج الشكل الأول إيجاب الصغرى وكلية الكبرى، فضروبه المنتجة أربعة:
1- كليتان موجبتان: كل (ج ب) وكل (ب أ) كل (ج أ)
2- كليتان الصغرى موجبة: كل (ج ب) وكل (ب أ) بعض (ج أ)
3- موجبتان والصغرى جزئية: بعض (ج ب) وكل (ب أ) بعض (ج أ)
4- الصغرى موجبة والكبرى سالبة كلية: بعض (ج ب) لا شيء من (ب أ) ليس بعض (ج أ)
– وشرط إنتاج الشكل الثاني: اختلاف مقدمتيه بالإيجاب والسلب مع كليته الكبرى فضروبه المنتجة أيضا أربعة :
1-كليتان صغراهما موجبة: كل (جـ.ب)لاشيء من (أ.ب)
2-كليتان صغراهما سالبة:لا شيء من(جـ ت)وكل(أ.ب)،فالنتيجة في هذين ….. كلية سالبة وهي لا شيء من (أ.ب)
3- صغرى موجبة وجزئية سالبة كلية: بعض (جـ،ب) لا شيء من (أ.ب)
4-صغرى سالبة جزئية وكبرى موجبة كلية: ليس بعض (جـ،ب) وكل (أ.ب)
فالنتيجة في هذين الأخيرين سالبة جزئية وهي: ليس بعض (جـ،ب)
– شرط إنتاج الشكل الثالث إيجاب الصغرى وكلية إحدى المقدمتين فضروبه المنتجة إذن ستة:
1- كليتان موجبتان: كل (ب.ج)، كل (ب،أ)
2- موجبتان صغراهما جزئية: بعض (ب.ج) كل (أ.ب)
3- موجبتان صغراهما كلية: كل (ب.ج)، بعض (أ.ب).
4- كليتنا صغراهما موجبة: كل (ب.ج) لا شيء من (ب.أ)
5- موجبة جزئية وصغرى سالبة كلية كبرى: بعض (ب.ج) لا شيء من (ب.أ)
6- موجبة كلية صغرى وسالبة جزئية كبرى: كل (ب.ج) بعض (ج.أ)
والنتيجة في هذه الثلاث الأخيرة جزئية وهي ليس بعض (ج.أ)
– وشرط إنتاج الشكل الرابع عدم اجتماع الحنستين في مقدمة واحدة، إلا في صورة واحدة من ضروبه، وهي أن تكون الصغرى موجبة جزئية فيجب فيها حينئذ أن تكون الكبرى سالبة كلية إذ لو جعلناها موجبة جزئية لم ينتج لعد دلالة المقدمتين على النتيجة فضروب الشكل الرابع المنتجة إذن خمسة وهي:
1- كليتان موجبتان: كل (ب.ج) كل (أ.ب)
2- موجبتان صغراهما كلية: كل (ب.ج) وبعض (أ.ب)
والنتيجة في هذين الضربين موجبة جزئية وهي: بعض (ج.أ) .
3- كليتان صغراهما سالبة نحو: لا شيء من (ب.ج) وكل (أ.ب) والنتيجة سالبة كلية وهي لا شيء من (ج.أ)
4- كليتان صغراهما موجبة: كل (ب.ج) ولا سيء من (أ.ب)
5- صغرى موجبة جزئية وكبرى سالبة كلية: بعض (ب.ج) لا شيء من (أ.ب)
نتيجة هذين الضربين سالبة جزئية وهي: ليس بعض (ج.أ)
ويقول الأخضري أنه اقتصر في ذكر هذا على الضروب المنتجة فقط وذلك لضيق الوقت لأنه في وقت العجلة ويقول بالضبط في وسط الشتاء سنة 941. وفي آخر هذا الفصل يقول بأن المقدمات لابد وتنتهي إلى ضرورة قاطعة للدور والتسلسل: توقف الشيء على أشياء غير متناهية، واللام في قوله "لم" للتعليل و "من" لبيان الجنس وهو مصدوق ما .
أ- القياس الاستثنائي
سمي هذا النوع بالاستثنائي لاشتماله على أداة الاستثناء وهي (لكن) ويعرف هذا النوع بالشرطي لاشتماله على مقدمة شرطية وتسمى الكبرى وأما المقدمة المشتملة على أداة الاستثناء تسمى بالصغرى، قال الأخضري في هذا:
ومنه ما يدعى بالاستثناء يعرف بالشرط بلا امتراء
وهو الذي دل على النتيجة أو ضدها بالفعل لا بالقوة
فإن يكن الشرطي ذا اتصال أنتج وضع ذاك وضع التالي
ورفع التال رفع أول ولا يلزم في عكسها لما أنجلى
وإن يكن منفصلا فوضع ذا ينتج رفع ذاك والعكس كذا
وذاك في الأخص ثم إذ يكن مانع جمع فيوضع ذا زكن
رفع لذاك دون عكس وإذا مانع رفع كاد فهو عكس ذا
– تعريف القياس الاستثنائي: هو القياس الذي دل على النتيجة أو ضدها بأن تكون مذكورة فيه بالفعل أو بصورتها لا بقوة أي لا تكن مفرقة الأجزاء كما في القياس الاقتراني، فإن نتيجته موجودة لكنها متفرقة الأجزاء أي في مقدمته، موضوعها في الصغرى ومحموله في الكبرى.
وأما القياس الاستثنائي ففيه عين النتيجة أو نقيضها بصورته، كما يأتي:
– القياس الشرطي المتصل:
ضروبه المنتجة: القضية الشرطية إذا كانت متصلة إن تم إثبات التالي، وإن تم نفي التالي نفي المقدم ومثال ذلك:
كلما كان هذا إنسانا
كان حيوانا، لكنه إنسان
فهو حيوان
فقد أنتج إثبات المقدم إثبات التالي لأن المقدم ملزوم والتالي لازم، ويلزم من وجود الملزوم وجود اللازم، لو قلت في هذا المثال لكنه ليس بحيوان "إن تم فهو ليس بإنسان" لأن رفع اللازم يوجب رفع الملزوم، فعلم أن المنتج منه ضربان.
– الضروب العميقة: لا يلزم الإنتاج من عكسها، أي من وضع التالي ورفع المقدم، فلو قلت في المثال المتقدم: "لكنه حيوان" لم ينتج "إنه إنسان"، لأن اللازم قد يكون أعم من الملزوم، ولا يلزم من إثبات الأعم إثبات الأخص وكذا لو قلت "لكنه ليس بإنسان" لا ينتج شيئا لأنه رفع الأخص لا يوجب رفع الأعم والملزوم هنا أخص من لازمه، وقد يكون اللازم أعم من ملزومه فلا يلزم من إثبات ملزومه، ولا من نفي ملزومه الأخص نفيه، فهذان ضربان عميمان .
– القياس الشرطي المنفصل:
إذا كانت القضية منفصلة على ثلاثة أقسام: حقيقية ومانعة وجمع مانعه خلو.
– الشرطية الحقيقية:
إثبات أحد طرفيها ينتج رفع الطرف الآخر ورفع أحد طرفيها ينتج وضع الآخر كقولنا: (الموجود إما قديم أو حادث لكنه قديم) ينتج (أنه ليس بحادث) أو (لكنه حادث)
ينتج (أنه ليس بقديم) فلو قلت (لكنه ليس بقديم) أنتج (أنه حادث) فقد أنتج وضع أحد الطرفين رفع الآخر، ورفع أحد الطرفين وضع الآخر.
– الشرطية مانعه الجمع:
إن أثبت أحد طرفيها ينفي الطرف الآخر، دون العكس، فلا يلزم من رفع أحد طرفيها وضع الآخر لمنعها الجمع بينهما.
مثالها: ( هذا إما أسود أو أبيض، لكنه أسود ينتج غير أبيض)
– الشرطية مانعه الخلو:
عكس مانعه الجمع بمعنى أن رفع أحد طرفيها ينتج وضع الأخرى لمنعها الخلو عنهما، ووضع أحد طرفيها لما ينتج شيء لجواز المنع بينهما.
مثالها: (هذا الشيء إما غير أبيض أو غير أسود، لكنه أبيض، ينتج أنه غير أسود) أو (لكنه أسود) ينتج (غير أبيض) .
ب- لواحق القياس:
القياس إما أن يكون من مقدمتين أو أكثر، فالأول سمي قياسا بسيطا، والثاني قياسا مركبا، قال الأخضري في هذا:
ومنه ما يدعونه مركبا لكونه من حجج قد ركبا
فركبته أن تود أن تعلمه وأقلب نتيجة به مقدمة
يلزم من تركيبها بأخرى نتيجة إلى هلم حبرا
متصل النتائج الذي حوى يكون أو مفصولها كل سواء
وإن يجزي عن كل استدل فذا بالاستقراء عندهم عقل
وعكسه يدعى القياس المنطقي وهو الذي قدمته فحقق
وحيث جزئي على جزئي حمل لجامع فذاك تمثيل جعل
ولا يقتضي القطع بالدليل قياس الاستقراء والتمثيل
إذن فالقياس إذا تركب من قضيتين سمي قياسا بسيطا، وإن تركب من أكثر من قضيتين فهو مركب وهذا القياس ينقسم إلى متصل النتائج إن ذكرت فيه النتيجة، وجعلت مقدمته صغرى، وركبت مع المقدمة الكبرى، وأخذت النتيجة منه وجعلت مقدمة كذلك وهلم جرا، كما قال المصنف .
وإلى مفصولها وهو ما لم تذكر فيه النتائج كالمثال قيل هذا والتحقيق أنه يرجع إلى القياس البسيط. لأنه أقسيه طويت نتائجها في الذكر وهي مراده في المعنى، وسمي الأول متصل النتائج لاتصال نتائجه بمقدمات بخلاف الثاني. والمفيد للمطلوب التصديقي ثلاث أقسام: استقراء، قياس، تمثل.
– فالأول: هو استدلال الكل على الجزء ـــ كل حيوان يحرك فكه للأسفل
– الثاني: هو الاستدلال على الجزء بالكل ــــ العلم الحادث والدليل على ذلك أنه من أفراد العالم المتغير، وكل متغير حادث .
– والثالث:الإستدلال على جزئي بجزئي، كإستدلال على حرمة النبيد بحرمة الخمر للامع بينهما وهو الإسكار،وهما جزئيات من مطلق المسكر، والمفييد للقطع.
ج- أقسام الحجة:
الحجة هي الدليل وسمي بالحجة لأنه من تمسك به حج خصه أو غلبه قال:
وحجة نقلية عقلية أقسام هذي خمسة جلية
خطابة شعر وبرهان جدل وخامس سفسطه نلت الأمل
أجلها البرهان ما ألف من مقدمات باليقين تقترن
من أوليات مشاهدات مجريات متواترات
وحدسيات ومحسوسات فتلك جملة اليقينات
وفي دلالة المقدمات على النتيجة خلاف آت
عقلي أو عادي أو تولد أو واجب والأول المؤيد
المراد بالحجة هنا القياس ولما كان الواجب على المنطقي أن ينظر في مادة القياس وصورته ليعرف جهة الخطأ في القياس، كما يأتي في قول المصنف، وخطأ البرهان البيت احتجاج لبيان مادته فذكر أن القياس قسمان: نقلي من الكتاب والسنة والإجماع وعقلي وأقسامه خمسة
1- البرهان: وسيأتي في كلام المصنف
2- الجدل وهو ما تركب من قضايا مشهورة نحو العدل حسن والظلم قبيح، أو مسلمة بين الخصمين سواء كانت صادقة أم كاذبة، ليبنى عليها الكلام في دفع كل من الخصمين صاحبه والمقصود منه قصر الخصم واقناع من لا قدرة له على البرهان.
3- الخطابة: وهي ما تركب من مقدمات مقبولة أو مظنونة فالأولى كالصادرة من شخص تعتقد صلاحه، والثانية التي يحكم بها العقل بواسطة الظن مع تجويز النقيض
4- الشعر: وهو ما تألف من قضايا تنبسط منها النفس أو تنقيض نحوه، والغرض منه انفعال النفس لترغيبها في شيء أو تنفيرها
5- السفسطة: وهي ما تألف من مقدمات باطلة شبيهة بالحق كقولنا في صورة فرس في حائط: هذا فرس وكل فرس حمال.
إذن فأعظم هذه الخمسة، وهو ما تألف من مقدمات يقينية بأن يكون اعتقادها جازما مطابقا ثابتا لا يتغير واليقينيات على ما ذكر المصنف ستة:
1- الأوليات: جمع أولي وهو ما حكم فيه العقل من غير واسطة تتوقف على تأمل
2- المشاهدات: وتسمى الوجدانيات وهي ما تدرك بالحواس الباطنة: كالجوع
3- المجريات: وهي ما حكم به العقل والحس مع التكرر كقولنا: السقمونيا مسهلة والخمر سكر
4- المتوترات: وهي ما حكم بها العقل بإحدى الحواس الخمس الظاهرة
5- المحسوسات: وهي ما يدرك بإحدى الحواس الخمس الظاهرة
وبعد هذا فإلى النظر الصحيح للنتيجة وهي أربعة مذاهب وهم:
1- مذهب إمام الحرمين 3- مذهب المعتزلة
2- الشيخ الأشعري 4- مذهب الفلاسفة .
د- بيان خطأ البرهان:
هنا اتبع الناظر القوانين السابقة فإنه يصل إلى اجتناب الغلط في فكره والنتائج التي يصل إليها ولكن معلوم أن هذا الأمر صعب التحقيق، فلا يخلو الإنسان من الوقوع في الغلط، وللغلط أسباب، وقد ذكر العلماء أسباب الوقوع في الغلط في التفكير والقياس لتنبيه الناس إلى منا شيء الغلط لاجتنابها، فقال:
وخطأ البرهان حيث وجدا في مادة أو صورة فالمبتدأ
في اللفظ كإشتراك أو كجعل ذا تباين مثل الرديف مأخذا
وفي المعاني القياس الكاذبة بدأت صدق فأفهم المخاطبة
كمثل جعل العرضي كالذاتي أو لازم إحدى المقدمات
والحكم للجنس يحكم النوع وجعل كالقطعي غير القطعي
والثاني كالخروج عن أشكاله وترك شرط النتج من إكماله
أقول الخطأ في البرهان إما أن يكون في مادة القضايا، وأن يكون في الصورة أو الهيئة التي يترتب عليها القياس
– الغلط في المادة:
أسباب الغلط في المادة إما في الألفاظ أو في المعاني، أما أسباب الغلط في الألفاظ فهي:
1- اشتراك اللفظ المستعمل مثل قولنا هذا قرء، وتريد الحيض وكل قرء يجوز فيه الوطء، وتريد به الطهر، فلم يذكر الحد الأوسط فكذبت النتيجة.
2- جعل الألفاظ المتباينة مثل المترادفة مثل: (هذا صارم) مشيرا إلى سيف غير قاطع، (وكل صارم سيف) فحقيقة السيف تباين حقيقة الصارم، هنا كانت النتيجة كاذبة لأن الصارم في الصغرى أريد به غير القاطع، فلم يصح حمل السيف عليه في الكبرى، بل هو محمول على الصارم الذي هو القاطع من جنس السيف، فلم يتكرر الحد أوسط.
– الغلط في المعاني:
1- إلتباس القضية الكاذبة بقضية صادقة: كأن تجعل العرضي ذاتيا مثل:
(الجالس في السفينة متحرك، وكل متحرك لا يثبت في مكان واحد)
2- جعل النتيجة إحدى المقدمتين كقولنا: ‘هذه نقلة، وكل نقلة حركة، فهذه حركة) فالنتيجة عين الصغرى، لأن الحركة مرادفة للنقلة.
3- الحكم للجنس بحكم النوع كقولنا: (كل فرس حيوان، وكل حيوان ناطق، فكل فرس ناطق) وهو كذب ويسمى مثله إبهام العكس.
4- جعل المقدمة غير القطعية قطعية مثل: (هذا ميت، وكل ميت جماد) فالكبرى وهمية لأن الوهم يحكم بجمادية الميت لكونه كالجماد في عدم الروح.
– الغلط في الصورة: وله سببان
1- الخروج عن أشكال القياس الأربعة.
2- ترك شرط الإنتاج .
هـ- الخاتمة:
وفي الأخير نكون قد أنهينا من شرح النظم المفيد باختصار فيه تقريب للمعاني للمبتدئين في تعلم هذا العلم، حيث يقول الأخضري في خاتمة هذا المتن:
وهذا اتمام الغرض المقصود من أمهات المنطق المحمود
قد انتهى بحمد رب الخلق ما رمته من فن علم المنطق
نظمه العبد الفقير المفتقر لرحمة المولى العظيم المقتدر
الأخضري عابد الرحمان المرتجي من ربه المنان
مغفرة تحيط بالذنوب وتكشف الخطأ عن القلوب
وأن يشيننا بنخبة العلم فإنه أكرم من تفضلا
وكن أخي للمسامح مبتدأ وكن لإصلاح الفساد ناصحا
وأصلح الفساد بالتأمل وإن بديهة فلا تبدل
إذ قيل كم مزيق صحيحا لأجل كون فهمه قبيحا
وقل لمن ينتصف لمقتصدي العذر حق واجب للمبتدئ
ولبن إحدى وعشرين سنة معذورة مقبولة مستحسنة
لا سيما في عاشر القرون ذي الجهل والفساد والفنون
وكان في أوائل المحرم تأليف هذا الرجل المنظم
من سنة إحدى وأربعين سن بعد تسعة من المئين
ثم الصلاة والسلام سرمدا على رسول الله خير من هدى
وآله وصحبه التقات السالكين سبل النجاة
ما قطعت شمس النهار أبرجا وطلع البدر المنير في الدجى

الخاتمة:
ومما سبق استطعنا استنتاج ما يلي:
• أولا: أننا كنا أمام عمل نادر فرض نفسه على الدراسات المنطقية حوالي أربعة قرون.
• ثانيا: أن عبد الرحمان الأخضري استطاع أن يكسر شوكة المعارضين للمنطق في البلاد الإسلامية واستطاع أن يرسي له دعائم حقيقية من خلال سلمه هذا والذي يعد بحق طفرة حقيقية ونقطة تحول في مجال الفكر العربي ككل.
• ثالثا: أنه على الرغم من أن عبد الرحمان الأخضري من بيئة إسلامية والمعروف عن مفكريها أنهم نادرا ما يتجهون إلى هذا اللون من الدراسات خاصة إذا تعلق الأمر بالمنطق فقد استطاع أن يثبت أن المنطق هو مدخل ومقدمة وفاتحة لكل العلوم.
• رابعا: أن عبد الرحمان الأخضري من خلال هذا المخطوط وجه رسالة مشفرة لكل من رفض هذا النوع من العلوم في البيئة الإسلامية وحرم الإشتغال به.
• خامسا: وهي أنه كان على قدر كبير من الإطلاع على علوم الحضارة اليونانية وعلى المنطق الأرسطي خاصة.
• سادسا: أنه بفضل إلمامه بالمنطق الأرسطي فقد استطاع أن ينقيه من بعض الشوائب التي تعارض مع المعتقدات والمفاهيم الإسلامية بصفة خاصة وأن يعطيه حله إسلامية خالصة حتى يكون أقرب وأوضح لمفكريها هذا من جهة، ومن جهة ثانية حتى لا يكون عرضة للتجريح.
• سابعا: استطاع أن يكون آراء قيمة في أكثر من مسألة من المسائل المنطقية وكانت تلك الآراء نتيجة للطريقة الوسطية التي سلكها في معالجته لتلك المسائل وتجلت هذه الطريقة بوضوح في مسألة هل المنطق علم أم فن؟ وفيما يتعلق بحرمة الاشتغال به.
وفي الأخير الشكر والامتنان للواحد الذي لا ينام الذي كان راعيا لنا وسيبقى راعيا لكل إنسان

قائمة المصادر والمراجع:
* القرآن الكريم:
1- سورة البقرة
2- سورة التوبة.
3- سورة الرحمان.
4- سورة العصر.
* السنة النبوية الشريفة:
1- المحتجى، للنسائي، مكتبة المطبوعات الإسلامية، حلب، ط2،ج3.
2- صحيح مسلم، دار إبن كثير، اليمامة، بيروت، لبنان، ط3،ج1.
I- المصادر:
1- عبد الرحمان الأخضري، شرح السلم، المخطوط رقم 1443.
2- عبد الرحمان الأخضري، شرح العلامة الأخضري على سلمه في علم المنطق، مطبعة الباي الحلبي، سوريا
ii- المراجع:
1- أبو القاسم الحفناوي، تعريف الخلف برجال السلف، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، القسم1.
2- أبو القاسم سعد الله، تاريخ الجزائر الثقافي، المؤسسة الوطنية للنشر والتوزيع، ج1، 1981.
3- أبو الحجاج يوسف بن محمد المكلاتي، لباد العقول في الرد على الفلاسفة في علم الأصول، تحقيق: فوقية حسين محمود،دارألانظار،القاهرة، 1977.
4- أبو حامد الغزالي، معيار العلم، دار الأندلس للطباعة والنشر.
5- أبو حامد الغزالي، المستصفى في علم الأصول، تحقيق محمد سليمان الأشقر، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1997.
6- أحمد الدمنهوري، رسالة في المنطق، إيضاح المبهم في معاني السلم، تحقيق وتقديم محمد فاروق الطباع، مكتبة المعارف،بيروت،لبنان،ط1، 1996.
7- أ. د إسماعيل زروخي، تأليف جماعي، شذرات فلسفية من بلاد المغرب العربي، مخبر البحوث والدراسات، دار جهاد، 2022.
8-أبي الفداء، سعيد بن عبد اللطيف فودة، الميسر، شرح لمتن السلم المرونق في علم المنطق، المطبعة المصرية، القاهرة.
9- البغدادي إسماعيل باشا، هدية العارفين، المجلد1.
10- الفارابي، الألفاظ المستعملة في المنطق، تحقيق لحسن مهدي، دار المشرق، بيروت، 1968.
11- المهدي البوعبدلي، عبد الرحمان الأخضري وأطوار السلفية في الجزائر.
12- ريشر نيكولا، تطور المنطق عند العرب. ترجمة محمد مهران، دار المعارف، بيروت، لبنان، 1985.
13- عادل فاخوري، منطق العرب (من وجهة نظر المنطق الحديث)، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، 1980.
14- عبد الرحمان بن خلدون، المقدمة، دار القلم، بيروت، لبنان، ط7، 1989.
15- عبد الرحيم، فرج الجندي، شرح السلم في المنطق للأخضري، دار القومية للطباعة، مصر.
16- عبلي عبد المعطي محمد، أسس المنطق الرياضي، دار المعارف الجامعية، الإسكندرية، 1988.
17- علي سامي النشار، مناهج البحث عند مفكري الإسلام، دار النهضة العربية، بيروت، لبنان، ط3، 1984.
18- سعيد قدورة، شرح السلم، النسخة أ، المخطوط 1462.
19- ماهر عبد القادر، محمد علي، المنطق ومناهج البحث، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، 1975.
20- محمد الحسن البناني، شرح السلم، المطبعة الأميرية، بولاق، مصر، 1318 هـ.
Iii- الموسوعات والمعاجم:
1- الزركلي، الأعلام، دار العلم للملايين، بيروت، لبنان، ط10، ج3 (د.ت).
2- التهانوي، كشاف استراحات الفنون، دار الكتب العلمية، بيروت، منشورات بيضون، ط1، ج1، 1998.
3- الجرجاني، التعريفات، دار الكتب العلمية، بيروت، ط3، 1988
4- جورج طرابيشي، معجم الفلاسفة، دار الطليعة، بيروت، لبنان، 1997.
5- عادل نويهض، معجم أعلام الجزائر، مؤسسة نويهض الثقافية للتأليف والترجمة والنشر، بيروت، لبنان، ط2، 1980.
Iv- المجلات:
1- مجلة الأصالة، عبد الرحمان الأخضري وأطوار السلفية في الجزائر، العدد 53، جانفي 1978.
3- مجلة الآداب والعلوم الإنسانية،
4- الأمير عبد القادر العدد 7، نوفمبر2006.

المقدمة
الفصل الأول: عبد الرحمان الأخضري
1- حياته……………….. ……………………. ……………………. …….04
2- مؤلفاته……………… ……………………. ……………………. ………05
3- شيوخه وتلاميذه…………….. ……………………. ……………………. .08
4- المنطق في كتابات الأخضري……………… ……………………. ………..08
5- تحليل بعض مصطلحات السلم……………….. ……………………. ………11
الفصل الثاني: شرح المخطوط
1-مقدمة الكتاب………………. ……………………. ……………………. 23
2- فصل في جواز الاشتغال به………………….. ……………………. ……25
3- أنواع العلم الحادث………………. ……………………. ……………….26
4- فصل في أنواع الدلالة الوضعية……………… ……………………. …….28
أ- مباحث الألفاظ……………… ……………………. …………………30
ب- نسبة الألفاظ للمعاني……………… ……………………. …………..34
ج- بيان الكل والكلية والجزء والجزئية…………….. ……………………. ..36
د- المعرفات…………….. ……………………. ……………………. .37
5- فصل في القضايا وأحكامها…………….. ……………………. ………….40
أ- التناقض……………… ……………………. ……………………. ..46
ب- العكس المستوي……………… ……………………. ……………….48
ج- القياس………………. ……………………. ……………………. …50
6- فصل في أشكال القياس (الاستثنائي) ……………………. …………………52
أ- القياس الاستثنائي…………… ……………………. …………………56
ب- لواحق القياس………………. ……………………. ………………..58
ج- أقسام الحجة……………….. ……………………. …………………59
د- خاتمة المتن. ……………………. ……………………. ……………62
الخاتمة
قائمة المصادر والمراجع




شكرا جزيلا لك.




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا على الطرح المميز
في انتظار جديدك
تحياتي العطرة




بارك الله فيك أخي الفاضل على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.